هذا هو المقال السادس في نقد عمل الأستاذين الكريمين العوامري بك والجارم بك في شرحهما لكتاب البخلاء للجاحظ. وما ندري هل بلغنا رضاهما في هذا العمل، وقد خدمنا به الكتاب خدمة إذا أضافاها إلى خدمتهما له خرج الكتاب نافعاً مرجو الفائدة؟
قد كان الرضا منهما هو الأشبه بخلقهما والأولى بحرصهما على الحقيقة، ولكني لا أسمع إلا حكاية امتعاض ولوم، وما أظن إلا أن القارئ طالب فائدة؛ فليس يهمه أن ننث عتابنا ومكثر اعتذارنا بين يديه، فلنمض فيما نحن فيه مستعينين الله أن ننتهي من نقدنا في هذا المقال إن استطعنا حتى نريح ونستريح
في ص ١١٥ يقول الجاحظ في تصوير جشع الحزامي:(إنه لو أعطى أفاعي سجستان، وثعابين مصر، وحيات الأهواز لأخذها)
ويعلق الشارحان على الحيات والأفاعي والثعابين تعليقاً ينطق بأن الحيات هي الثعابين أو الأفاعي، وأن الثعابين هي الحيات أو الأفاعي، وأن الأفاعي هي الثعابين أو الحيات. وللشارحين بعض العذر في ذلك، فإن كتب اللغة يكثر فيها ذلك النوع من الإحالة في التعاريف، ولكنه عيب يجب ألا نقره نحن الذين سيكون على يدنا إصلاح كتب اللغة وتلافي عيوبها
إن الذي يحاول أن يتخلص من ذلك العيب يجد في كتب اللغة نفسها المخلص منه. ففي المقام نفسه الذي يقول فيه صاحب القاموس: الحية (م) أي معروف نجد كتباً أخرى ومواضع من القاموس نفسه يمكن أن نستخلص من ثناياها فروقاً تجزئنا أو تنجينا من التهافت
ذلك أننا نرى في القاموس المحيط: الثعبان: الحية الطويلة الضخمة، وفي المصباح: الأفعى: الحية الرقشاء الدقيقة العنق العريضة الرأس التي لا تزال مستديرة على نفسها لا