للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[مزامير للنفس العربية!]

للأستاذ عبد المنعم خلاف

تمهيد:

استوحى روح مولى نفوسنا وسيد عقولنا وآخذنا إلى رب الحياة ومقدمنا إليه بسنته وحنيفيته السمحاء (محمد)، ليملأ قلبي ويفيض على قلمي ويهديه ويسدده في وفائه له ولقوميته التي حملت أجمل الأمثال العليا في الفكرة والفطرة والخلق والمعاملة

أستوحي هذا الروح الأكبر، ويتعرف قلبي الصغير إلى قلبه الكبير، كما يتعرف الجدول الضحضاح إلى النهر البراح؛ وأستعينه في خدمة النفس العربية بالمساهمة في حملها على إدراك فضائلها وحاجة الإنسانية إليها.

وإنما أتوجه إليه إذ هو باعث روح أمته العجيبة ومخلدها على مر الأيام وكر الأعوام، وموحد شملها، وفارض أمجادها على القلوب والعقول

وأومن إيماناً لا يتزعزع أن أمته هذه لا ينقصها إلا الوحدة في القلوب أولاً كما توحدت على يديه حتى تعود فتنهض بجسمها العملاق الهائل فتستلم الشمس من المشرق لتسلمها إلى المغرب

وأستوحي المهد الأول الذي درجت فيه هذه الأمة العجوز وانبثق منه ينبوعها الأزلي. . . ذلك المهد الناطق بالصمت، العامر بالنجوم، الحصين بالتجرد والتفرد، المبني بالجبال، المفروش بالرمال، مراد الأرواح، ومجتلى الإلهية، ومبعث النبوات، ومركز المعمور، وملتقى الشرق بالغرب. . .

كما أستوحي بلادها الثانية التي فاضت عليها أمواجها، وتلاحقت أرتالها، ونشرت عليها سلطانها الروحي واللغوي، وسطرت على أديمها تاريخها بعروشها وفتوح سيوفها وأقلامها

وحينما أستوحي كل أولئك أجد السماء تنطق والأرض تنطق وكل شيء يوحي ويلهم ويدفع القلم دفعاً إلى التسطير والتحرير لبعث هذه الأمة والتفاني في خدمتها والتفادي في إحياء مثلها الأعلى الذي رسمه الله في قلب أبيها محمد، وملء أسماعها بأناشيد مجدها وترانيم وحدتها حتى تعود فتملأ الدنيا وتشغل الناس وتنثر أشخاصها وكلماتها الصامتة والناطقة في مجاهل الأرض كما تنتثر النجوم في مجاهل السماء

<<  <  ج:
ص:  >  >>