قامت إيطاليا في ظل الفاشستية بكثير من الأعمال العلمية والفنية العظيمة؛ ومن ذلك اكتشافات أثرية عظيمة في ضواحي رومة وفي جنوب إيطاليا، وإصلاح لكثير من الآثار الشهيرة، وإصدار موسوعة إيطالية كبيرة، ووصل ثغر البندقية بالأرض بجسر عظيم يبلغ طوله نحو كيلومترين. وأخر الأعمال الفنية العظيمة التي أتمتها الحكومة الإيطالية، هو إصلاح كنيسة سان ماركو (القديس مرقس) الشهيرة في البندقية؛ وتعتبر هذه الكنيسة التي يرجع بناؤها إلى نحو ألف عام من أعظم التحف الفنية في إيطاليا، وتعتبر الثانية من حيث عظمتها الفنية بعد كنيسة القديس بطرس في رومة. وتمتاز بالصور والنقوش الرائعة التي صنعت كلها من الفسيفساء الملون، في جدرانها السفلية وأروقتها العليا. وهي تجاور قصر الدوجات وتقع على يساره، وأمامها ميدان سان ماركو الشاسع الذي كان خلال العصور ميدان الاحتفالات والاجتماعات العامة أيام الجمهورية؛ وقد بدأت أعمال الإصلاح فيها منذ ثمانية وعشرين عاما، وذلك بعد أن قرر الخبراء أنها في خطر، وأن أسسها قد اضطربت وتشققت جدرانها؛ وذلك على أثر سقوط برج (الكامبنيلي) الشهير في سنة ١٩٠٢؛ وهو يقع أمام قصر الدوجات على مقربة من الكنيسة، وقد جدد، وهو يرتفع إلى علو شاهق، ويشرف على ثغر البندقية وجميع الجزر (اللاجون) التي تقوم عليها. وبدئ الإصلاح بتقوية أسس الكنيسة وأعمدتها، وعهد إلى المهندس والفنان الكبير الأستاذ لويجي مارانجوني بالأشراف على أعمال الإصلاح الفنية. وقد بذل هذا الفنان مجهودات فادحة لإنقاذ زخارف الفسيفساء التي كاد بعضها يتلاشى، واستطاع بمعجزة حقيقية أن يعيدها إلى بهائها الأول. ولم تمضي أسابيع قلائل حتى ترفع الأعمدة والحواجز الخشبية التي حجبت بعض واجهات الكنيسة عن النظارة زهاء ثلاثين عاما، ويستطيع الزائر أن يمتع الطرف بمشاهد الصور والنقوش البديعة التي صنعت كلها من فسيفساء ملون، وبينها صور القديسين ومناظر من الكتاب المقدس
ويعتبر إصلاح هذه الكنيسة من أعظم الأعمال الفنية التي قامت بها إيطاليا في هذا العصر؛ ويرجع إلى عزم الحكومة الفاشيستية وسخائها في تعزيز الأعمال الفنية والأثرية، الفضل