وا أسفاه!! لقد دنت ساعة الانتقام لك يا بردكس! فلقد صهرت الشمس شمع الجناحين، وهوى إيكاروس إلى الأعماق! ولما دنا من والده صرخ صرخة هائلة دوت في إذن أبيه، فتلفت الشيخ ليرى ولده يغوص في اليم، يبتلعه مرة ويلفظه أخرى!
فأسرع الوالد المسكين إلى البحر، وأنتشل ولده من الماء جثة هامدة! وكان هو بدوره قد أذاب الماء شمع جناحيه، فعالج الموج معالجة، وسبح بفلذة كبده إلى جزيرة قريبة، بلغها بعد جهد وعناء!
وجلس يبكي ولده. . .
ثم شق له قبرا صغيرا في رمل الشاطئ، وما كاد يسره فيه، حتى رأى قطاة حزينة تدوم في السماء، ثم تهبط قليلا قليلا، حتى تكون بمقربة من القبر، فتقف كاسفة مشجونة وتنظر إلى الجثة والدموع تنهمل من عينيها. . عبرة، فعبرة. .
ويفرغ الشيخ من مواراة ولده في التراب! وينته! فيرى القطاة! فينشج نشيجا مؤلما، ويقول:(بردكس!! أتيت تبكي إيكاروس!! سامحني يا بردكس!)
فتزقو القطاة كأنها تنتحب! ثم تدنو من القبر حتى تكون فوقه، فتذرف عبرتين غاليتين، وترف في الهواء حتى تغيب عن عيني ديدالوس!!