ليس ما نشرته (الرسالة) لي في عدد ٢١٥ هو كل ما عُرف من أخبار أحمد بن يوسف الكاتب. فقد ذكر من ترجموا له أن أباه يوسف بن إبراهيم كان من ذوي المروءات التامة والعصبيات المشهورة، وأنه كان كاتباً مجيداً يعد من كتاب الطبقة الأولى، وأنه ولد داية أبن المهدي، وكاتب إبراهيم بن المهدي ورضيعه وصاحبه، وأنه صنف كتاباً في أخباره وفي أخبار المتطببين وغير ذلك، وأنه قدم دمشق سنة ٢٢٥، ولعلها كانت سنة هجرته من بغداد إلى مصر. وذكروا أسماء من روي عنهم ورووا عنه؛ وممن روي عنهم من غير المسلمين جبرائيل بن بختيشوع الطبيب وعيسى بن حكم الطبيب
وكان يوسف بن إبراهيم من أصحاب الثروة يجري على كثرين في الفسطاط. ولما حبسه أبن طولون في (بعض داره، وكان اعتقال الرجل في داره يؤيس من خلاصه، فكاد ستره أن ينتهك لخوف شمله عليه) جاء جماعة من أبناء الستر إلى أحمد بن طولون وطلبوا إليه أن يقتلهم إذا كان معتزماً على قتله، وقالوا إن لهم ثلاثين سنة ما فكروا في ابتياع شيء مما احتاجوا إليه ولا وقفوا بباب غيره. وفي الساعة التي توفي فيها يوسف بن إبراهيم بعث أحمد بن طولون أيضاً بخدم فهجموا الدار وطالبوا بكتبه (مقدرين أن يجدوا كتاباً من أحد ممن ببغداد، فحملوا صندوقين وقبضوا على أحمد وعلى أخيه، وصاروا بهما إلى داره، فأدخلوهما إليه وهو جالس وبين يديه رجل من أشراف الطالبيين، فأمر بفتح أحد الصندوقين، وأدخل خادم يده، فوقع على دفتر جراياته على الأشراف وغيرهم، فأخذ الدفتر بيده وتصفحه، وكان جيد الاستخراج، فوجد أسم الطالبي في الجراية، فقال له وأحمد يسمع: كانت عليك جراية ليوسف بن إبراهيم. فقال: نعم أيها الأمير، دخلت هذه المدينة وأنا مملق، فأجرى عليّ في كل سنة مائتي دينار، أسوة بابن الأرقط والعقيقي وغيرهما. ثم