للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[بيت الراعي]

للشاعر الفرنسي دفني

(٣)

١. أيفا. من أنت؟ وهل لك من علم بطبيعتك؟ أتعلمين. لم خلقت وما هو واجبك في الحياة؟ أتعلمين أن الله لكي يعاقب الرجل (مخلوقه) على خطيئته الأولى إذ امتدت يده إلى شجرة المعرفة شاء أن يكون حبه لنفسه في كل زمان وفي كل أدوار حياته غرضه الأول. مهموم بحب نفسه مهموم بأن يرى نفسه.

٢) ولكن إذا كانت إرادة الله شاءت أن تسكني إلى جانبه أيتها المرأة. أيتها الرفيقة الرقيقة. أيفا. أتعلمين السر في ذلك؟ إنما هو لكي يرى نفسه في مرآة نفس أخرى. إنما هو لكي يسمع تلك الأغنية التي لا يمكن أن تصدر إلا عنك. ذلك الفيض الإلهي الذي يتردد في هذا الصوت العذب. إنما هو لكي تقضي في أمره وأن كنت له أمة. لكي تحكمي في حياته وإن أخضعك لقوانبنه.

٣. في أقوالك المرحة جبروت المستبد. في عينيك سطوة القوة، وفي مرآك أمارة السلطان، حتى لقد شبه ملوك الشرق في أغانيهم نظراتك في هول وقعها بنزول الموت. كل يحاول جهده أن يثني من أحكامك المتسرعة. على أن قلبك الذي يكذب جسارة مظاهرك سريع ما يخضع لضربات القدر من غير مقاومة ولا دفاع

٤. لعقلك وثبات كوثبات الغزال، إلا أنه لا يستطيع السير من غير مرشد ولا معين. الأرض تدمي قدميه، والهواء يضني جناحيه، وعينه يعشو بصرها عن ضوء النهار إذا سطع لألاؤه. وإذا اتفق أن سمت به الفكرة في دفعة من دفعات حماستها إلى مستقر علوي اضطربت بها الرياح وعجزت عن أن تمسك نفسها من غير خوف ولا ضجر.

٥. ومع ذلك فليس فيك مافينا من خصائص الجبن إذ تتردد صيحات المظلوم في قلبك، ويدق بها نبضه كالأرغن في سكون الكنيسة المطبق، يتأوه متألماً كأنه يرجع صوت ألم تلقاه. للهيب ألفاظك تتحرك الجماهير وبدموعك تمحي آثار كل إهانةونكران للجميل. بيمينك تهزين الرجل فينهض وسلاحه بيده.

٦. إليك يجمل أن تنتهي كبريات الشكوى التي تأن منها البشرية الحزينة. عندما يتضخم

<<  <  ج:
ص:  >  >>