من بضعة أسابيع نشرت مقالا بعنوان (اللغة العربية تصارع) أطريت فيه يداً أسداها للضاد الأساتذة سعد زغلول باشا والدكتور عبد السلام ذهني عبد بك وعبد الحميد عبد الحق، فقد كان للأول فضل تعميم العربية في معاهد الدرس بدل الإنجليزية، وكان للثاني يدٌ طولى في إقرار مبدأ المرافعة بالعربية في محاكم الاختلاط، وانتصر ثالثهم لاستخدام العربية في شركات التجارة وبيوتات المال.
وحسبت حين نشرت ذلك المقال أني لم أزد على أن استقيت من التاريخ تعض وقائعه ونسجت حولها خيوطاً جعلت منه وحدة أدبية تفضل الأستاذ العباس بنعتها (بمقالة نيرة).
ولكن أدبياً - هو الأستاذ عزت المنشاوي - عقب على مقالي في جريدة منبر الشرق، مشككا في فضل سعد زغلول على اللغة العربية، مستشهداً على ذلك بما أورده الأستاذ الجليل عبد الرحمن الرافعي بك في كتابه (مصطفى كامل)، وهذا نصه:
(واشتد الفقيد (مصطفى كامل) في نقد سعد باشا حين طلبت الجمعية العمومية من الحكومة في مارس سنة ١٩٠٧ جعل التعليم في المدارس الأميرية باللغة العربية، وكان وقتئذ باللغة الإنجليزية، فاعترض سعد باشا وألقى خطبة طويلة في هذا الصدد سوغ فيها جعل التعليم باللغة الإنجليزية قائلا: إن الحكومة لم تقرر التعليم باللغة الأجنبية لمحض رغبتها أو اتباعاً لشهوتها، ولكنها فعلت ذلك مراعاة لمصلحة الأمة. . . وقال: إذا فرضنا أنه يمكننا أن نجعل التعليم من الآن باللغة العربية وشرعنا فيه فعلا، فإننا نكون أسأنا إلى بلادنا وإلى أنفسنا إساءة كبرى لأنه لا يمكن للذين يتعلمون على هذا النحو أن يتوظفوا في الجمارك والبوستة والمحاكم المختلطة والمصالح العديدة المختلفة التابعة للحكومة.)
ومن ثم عدت إلى كتاب (سعد زغلول. سيرة وتحية) للأستاذ الكبير عباس محمود العقاد لأستفتيه في هذا الأمر وأقف على ما أورده في هذا الصدد. فلم يخرج ما قاله العقاد عما