[وداع الشاطئ]
من الفردوس إلى الجحيم
للأستاذ سيد قطب
اُحْلُ يا شطُّ ما تشاءُ فإنّي ... رغمَ سحرِ الجمالِ والموجِ راحلْ
راحلٌ حَشْدُ نفْسِه لفَتاَتْ ... ليس عن فتنةِ الجمالِ بغافلْ
قدَ دَعَتْهُ إلى الرَّحيلِ ديارٌ ... في صميمِ الجحيمِ تُدْعى الشواغلْ
هي قبرُ الآمالِ والفنِّ والحبْ ... بِ وقيدٌ عن كلِّ ما شاقَ شاغلْ
وهي داري التي دَرَجْتُ عليها ... وإليها المآبُ مَهْما أحاولْ!
اُحْلُ يا شطُّ بالجمالِ طليقاً ... من قُيوِد الزمانِ نشوانَ وَاهِلْ
أسْكَرَتْهُ الأمواجُ وهي تُزَجِّى ... دَفَعاتِ الحياةِ في كلِّ نازلْ
فيرَى نفْسَهُ خفيفاً غَرِيراً ... قاهراً قادراً يجوزُ الحوائِلْ
دَفَعاتُ الحياةِ في الموجِ أَسْنَى ... من بَريقِ الآمالِ في نفْس آمِلْ
اُحْلُ يا شطُّ بالعَرائِسِ حُوراً ... سابحاتٍ والموجُ ظمآنُ ناَهِلُ
كانْفِتاَلِ الحِيتانِ في البحرِ وَثْباً ... وانثناءِ الغِزْلانِ والشطُّ ذاهلْ
فتنةٌ تسكبُ الحياةُ عليها ... سِحْرَها والعيونُ حُورٌ قَوَاتِلْ
واندفاعُ الأمواجِ يُوقِظُ في النَّفْ ... سِ ظَماءً مُرَقْرَقاً في الدَّخائِلْ
وانطلاقاً من التَّزَمُّتِ والْعُرْ ... فِ وشوْقاً إلى المباهِجِ واغِلْ
اُحْلُ يا شطُّ لن نُطيقَ انْفِلاَتاً ... من رَحيلٍ إلى جحيمِ الشواغلْ