[فاز سعد!]
للأستاذ عباس محمد العقاد
عرف النفيَ حياة ومماتا ... وأصاب النصر روحا ورفاتا
كلما أقصوه عن دار له ... رده الشعب إليها واستماتا
كيف يجزيه افتياتا وهو مَن ... كان لا يرضى على الشعب افتياتا
أصبحت دارك مثواك فلا ... تخش بعد اليوم يا سعد شتاتا
حبّذا الخلد ثماراً للذي ... غرس المجد ونَمَّاه نباتا
كل أرض للمصلى مسجد ... غير أن الكعبة الكبرى مقام
هكذا قبرك مرفوع الذرى ... في جوار البيت أو سفح الأمام
أرض مصر حيث أمسيت بها ... فبنو مصر حجيج وزحام
غير أن الذكر يبغي منسكا ... مثلما يبغيه حج واستلام
فالق في قبرك خلداً كلما ... مرّ عام تبعته ألف عام
اعبر القاهرة اليوم كما ... كنت تلقاها جموعا ونظاما
ساعة في أرضها عابرة ... بين آباد طوال تترامى
ساعة من عالم الفردوس لا ... تشبه الساعات بدءاً وختاما
كل من شاهدها زِيدَ بها ... من معانيك جلالاً ودواما
قل لهم أبلغ ما قلت لهم ... أيها الواعظ صمتاً وكلاما
جرّدوا الأسياف من أغمادها ... ذاك يوم النصر لا يوم الحداد
ارفعوا الرايات في آفاقها ... أين يوم الموت من يوم المعاد؟
لا يلاقي الخلد بالخزن ولا ... يكتسي الفتح بجلباب السواد
ذاك يوم ما تمناه العدى ... بل تمناه ولاء ووداد
فانفضوا الحزن بعيداً واهتفوا: ... فاز سعد وهو في القبر رماد
الفراعين الأولى أجليتهم ... لتمنوا لو أجازوك الطريق
أنت أضفيت على أوطانهم ... سعة، وهي من الأسر مضيق
أنت أيقظت لهم تاريخهم ... وهو في نومته لا يستفيق