للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من الأدب التركي]

أبناء المجرم

القاضي الشاعر:

فؤاد بك خلوصي أحد رؤساء محكمة النقض والإبرام في الجمهورية التركية الآن وهو مولود في طرابلس الشام، رجل فذ من رجال القانون وشاعر من أرق الشعراء عاطفة وأروعهم بيانا. ولهذا القاضي الشاعر ديوان باللغة التركية وقفت فيه عند قصيدة ممتعة من خالد الشعر يصف فيها تنفيذ حكم الإعدام على مجرم يترك في الحياة أرملة وأطفالا، وقد كان الشاعر أحد قضاة المحكمة العسكرية التي حكمت بإعدام المجرم في ثورة البلقان، فاخترت تعريب هذه الأبيات لما فيها من حكمة وعواطف، ولعرضها مشكلة كبرى من مشاكل العدل الإنساني تجاه سر الحياة

ف. ف

وكانت من شهر ديسمبر أواخر أيامه القارصة، وكان آخر الليل؛ سواد يربط على صقيع وديجور أربد ملفع بالجمود

في كل خطوة أوحال متحجرة بالجليد وزمهرير يسفع الوجوه فيلفحها كالسعير.

تجهم وجه السماء كجمرة تطفئ، وشرارها بقية كواكب الليل، حكمها الملال فأطبقت على أنوارها وتراجعت إلى الأفول

وساد الآفاق ارتعاش صامت، ونعق البوم مقلقلاً سكون الظلمة العميق

أمامك ووراءك حلك الظلام، وفوق رأسك سماء متألمة واجمة، فإلى أين مسيرك يا فؤاد، مضطرباً معقود اللسان؟ إلى أين تتجه في آخر هذا الليل، أيها الرجل؟

هو قاتل أنزل القضاء عليه الحكم بالرفع إلى المشنقة، وأمام قصر الجند المجلل بالرهبة بين المعاقل الحصينة ركزت يد الانتقام بل يد العدل آلة الإعدام، وهناك سينزل القصاص بمن أردى أحد الجنود شهيدا

هبوا من رقادكم أيها الشجعان وأسرعوا إلى المشهد، ذلك حكم الأمة عادلاً وهي تنتظر تنفيذه في المجرم المهين! أيتها الرقة الحديدية سارعي لإطلاق رصاصك على الجاني.

<<  <  ج:
ص:  >  >>