في رأي الأستاذ نقولا الحداد أن فيثاغورس لم يكن إلا مخرفا سخيفا حين قال أن الكون عدد ونغم!
وقد كان فيثاغورس يقول ذلك يوم كانت المادة عند الأقدمين جسما محسوسا أو كتلة كثيفة، لم يكن معروفا من تقسيم العناصر وقوانين الحركة شئ مما يعرفه العلماء الآن.
ثم عرفت العناصر، وعرف إنها كلها تركيبات من الكهارب وإنها تختلف بينها باختلاف أعداد الكهارب حول نواة كل عنصر، وأن الكهارب نفسها إذا ردت إلى الإشعاع فهي عدد من الذبذبات، كلما ميزتها بغير العدد جسما أو قوة أو طاقة عدت إلى العدد، والتناسب بينه، من جديد. . لأن أخر الأمر في القوة إنها حركة وأخر المر في الحركة إنها عدد من الذبذبات.
لا جرم نرى أناسا من اكبر أقطاب العلوم الطبيعية في هذا العصر، أن لم يكونوا أكبرهم جميعاً - أمثال مليكان وادنجتون وجينز أن الطبيعة حساب وياضة، ويتحدث جمينو خاصة عن (الله الرياضي) لأن قوانين الطبيعة مسائل ومعادلات.
فإذا كان الأستاذ نقولا الحداد لا يسخو على المسكين فيثاغورس بأكثر من صفحة التخريف والسخافة فليس معنى ذلك أن فيثاغورس المسكين مخرف سخيف فيما قال عن العدد والنغم، وإنما معناه إن الأستاذ نقولا الحداد لم يرزق بداهة فلسفية كبداهته، ولم يرزق نظرة علمية إلى ما وراء الظواهر كالنظرة التي نؤثرها أمثال جينز وادنجتون ومليكان.
ولو أن الأستاذ نقولا الحداد رزق تلك البداهة لا نحني إجلالا لتلك العبقرية التي نفذت من وراء الكثافة المادية، ومن وراء العصور المتطاولة، إلى حقيقة مجردة يسمعها الأستاذ ولا يفقهها وهو يعيش في عصر (العدد) الذي يصحب الوجود من أمواج الكهرباء والمغناطيس، إلى أجزاء العناصر ونسب الكهارب وجملة ما في الوجود بين الأرض والسماء.
والفرق بين تحية الإجلال الواجبة، وبين تهمة السخافة الجائرة، هو الفرق بين التقدير الصحيح والتقدير الخاطئ في أمثال هذه الأمور.
على أن هذا التقدير الخاطئ قد تجلى في هالة المع من هذه الهالة حين تصدى الأستاذ