للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[ماضي القرويين وحاضرها]

للأستاذ عبد الله كنون الحسني

تتمة

ومنذ جريان العمل بهذا النظام والانتقادات توجه إليه من كل طبقة من الطلاب. وأحق هذه الانتقادات بالالتفات أن غالب المواد أسندت إلى من لا يحسنها، وأن كتب الدراسة لم يدخل عليها أي تعديل. فالفقه مثلاً لا زال في مختصر الشيخ خليل ذي الشروح العديدة والحواشي الكثيرة؛ والنحو لازال يدرس في الابتدائي بشرح الأزهري للأجرومية. والألفية أبدل شرح المكدودي لها بشرح أبن الناظم وليس بذاك

على أن الذي لا يصح إنكاره من محاسن هذا النظام فضلا عن ضبطه لأوقات الدراسة هو إحياؤه لعلوم الحديث والتفسير، وإدخاله لبعض العلوم التي كان الطالب القروي محروماً منها كالتاريخ والجغرافية والهندسة. فأما كون المواد تسند إلى غير أهلها فالحقيقة في ذلك أن بعض العلوم لم يكن لأهل القرويين في الوقت الحاضر بها مساس مع ما انضم لذلك من إبعاد نبغاء أهل العلم والأدب عن الكلية وأخذهم للوظائف الحكومية؛ فواجب أن تجلب الحكومة بعض أساتذة تلك العلوم من معاهد الشرق بينما ترسل بمئات من أبناء القرويين للتخصص فيها وتدريسها عند عودتهم. كما يجب أن يعاد أولئك الأفاضل المقصون عن الكلية إلى حظيرة التعليم؛ فمن الجور أن يضيع عمرهم في غير ما خلقوا له ويضاع معه مستقبل الطلبة الذي نحن عليه جد حريصين

وأما مسألة الكتب فإن الزمان كفيل بتعديلها على أحسن الوجوه. ومن الإنصاف أن نعترف أن الوقت لم يحن بعد لتسويقها كما ينبغي، لما نرى عليه بلادنا من التأخر المزري في وسائل النشر وصناعة الطبع. وعسى ألا يستمر الأمر على ذلك زماناً طويلاً ولا سيما بعد تنظيم خزانة القرويين والاهتمام بجمع كنوزها وذخائرها وحفظها من التلف ورد اليد العادية عنها فالمستقبل باسم إن وجد من يعمل بجد وإخلاص

هذا، ولنا نظر في إصلاح القرويين ونبديه هنا - ولو لمجرد المناسبة - فهو أقرب تناولا وأمثل سرعة وأنسب حالا من كل إصلاح غيره. وذلك أننا نرى أن تخصص الكلية بالدراسات الإسلامية المحضة وما يعين عليها، من علوم القرآن بما فيها القراءات التي

<<  <  ج:
ص:  >  >>