للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[رسالة الفن]

١٣ - الفن

للكاتب الفرنسي بول جيزيل

بقلم الدكتور محمد بهجت

يا لها من إشارة بارعة! أيمكن أن يكون ولاء أعظم وأوقع في النفس من أن يرجع بمعاصر إلى طيات الماضي حيث يقرنه إلى رجل من رجالاته الأفذاذ الذين لمع نجمهم وتألق تألقا فريدا ثم يبلغ منه التأثر لمجرد شعوره بالاتصال الحسي بهذا العبقري الشبيه بإنصاف الآلهة (بوسان). وعاود رودان حديثه قائلا:

لم يرض بوفي دي شافان عن التمثال الذي عملته، وكان ذلك من أمر ما غصني في حياتي الفنية. لقد ظن أني صنعت له تمثالا مسخا. ومع هذا فأني مؤمن أني أودعت في التمثال كل الحماس والإجلال الذي شعرت به نحوه).

ودفعني بوفي دي شافان إلى التفكير في تمثال جان بول لوران الذي يوجد باللكسمبورج أيضاً. إنه ذو رأس مستدير ووجه يهم بالحركة، ويفيض منه الحماس يكاد لا يتردد فيه نفس - إنه من مواطني الجنوب، عتيق غير مصقول تظهر عيناه كأنهما مأهولتان بأخيلة بعيدة - ذلك هو مصور العصور التي كانت أدنى إلى الهمجية حيث كان الرجال أقوياء زاخري العواطف. قال رودان:

(كان لوران من أقدم أصدقائي. وقفت له كمثال لواحد من الميروفيين الذين كانوا يعاونون ساعة موت القديسة جينيفياف، وذلك بلوحته الموجودة الآن بالبانتيون (كانت محبته لي خالصة على الدوام. وهو الذي تحصل لي على الأذن بعمل رهائن كاليه. ومع أن الصفقة لم تعد علي بنفع مادي إذ أني قدمت ستة من التماثيل المعدنية بالثمن الذي عرض لواحد منها فقط، فإني مدين له بالامتنان العظيم العميق لأنه حفزني لخلق عمل من أجل أعمالي.

(وكم كان سروري عظيما بأن أعمل له تمثالا. ولكنه عتب علي عتابا رقيقا لأنني أظهرته بفم مفتوح، فأجبته بأني رأيت من تصميم جمجمته إنه ربما انحدر من سلالة القوط الأسبان. وأن هذا الضرب من الناس يمتاز بكبر الفك الأسفل. وإنني لست على بينة مما

<<  <  ج:
ص:  >  >>