(هذه قصة أم - فرقت عن زوجها - فحاولت وجاهدت وضحت في سبيل رفع ولدها إلى ذروة المجد. . . فهل وفقت؟. . . ذلك ما أبانه (فنستر شيافكي) في سياق هذه القصة، وهي من روائعه ويعد (شيافكي) من كتاب (النمسا) المبرزين في فن القصة، إذ يمتاز بطلاوة أسلوبه وصدق وصفه وسمو معانيه)
(مصطفى)
في ضحوة يوم رائع من خريف سنة ١٨٤٤ وقفت سيدة في نافذة دارها المعروفة باسم (ستاج هوس) في حي (ليبولد ستادت) تلقي بنظرات حائرة قلقة إلى الطريق؛ وكانت تبدو فاتنة حسناء على الرغم من أنها تدنو من عقدها الرابع. . . أما وجهها فكان مجالا لانفعالات شتى تعانيها امرأة طلقها زوجها، فاضطرت إلى إعالة بنيها. . . وأخذت على عاتقها تربيتهم وتنشئتهم. . .
ويغلب على أخلاق تلك السيدة - وهي من الطبقة المتوسطة - الرَّزانة والتواضع والهدوء. . . ومع بساطة ثوبها شاعت فيه الأناقة والبهاء. . . وينبعث من عينيها شعاع يعبر عما تستران من قلق، ويجول فيهما التوسل إذا ما انحسرت أهدابهما. . .
حانت ساعة الغداء فطرح على المائدة خوان ناصع نظمت فوقه ست صحاف - صنعت في (فينا) - وتوسط المائدة زهرية محلاة بالزخارف وصفت في أنحاء الغرفة أريكة وستة مقاعد كسيت بالمخمل - وقام في أحد جوانبها صوان بأدراج نحاسية الحلقات. . . استقرت فوقه ساعة فوق قاعدة من الرخام. . . أما في الجانب المقابل فصوان آخر عليه صليب غطي بزجاج - رسمت عليه بعض الطيور المائية والبرية - ويوجد في ركن متطرف (بيان) وضعت عليه زهرية فيها زهور ذابلة أما جدران الغرفة فزينت باللوحات الزيتية. . . والصور التذكارية. . .