يرى الكاتب أن اللغة ينبغي أن تكون لغة معان قبل أن تكون لغة ألفاظ. وأن تعليمها ينبغي أن يرمي إلى ثلاثة أغراض: أولها التدريب العقلي، وثانيها الخبرة الحسية أو الجمالية، وثالثها الوجهة النفعية. وهو يبحث في بعض وسائل تعليم اللغة العربية وينقدها في هذا المقال
١ - أصول نفسية لتعليم اللغات
إذا نحن عالجنا الوسائل التي تكفل إدراك الغايات من تعلم اللغة العربية، وجدنا أنها شعبة من الخطط العامة التي ترسمها المربون وعلماء النفس في العصر الحديث. ويسيطر على التربية في هذا العصر مدرستان متكافئتان من مدارس الفكر: أولاهما يتزعمها فرويد، وثانيتهما كان زعيمها بافلوف
ويذهب الأولون إلى أن النفس جماع الغرائز والميول الفطرية، وهذه تأتلف في أحيان وتختلف في أحيان أخرى. ولقد اتجهت التربية في هذا العصر وجهة من يحاول أن ينشئ تلك الميول سواء أكان ذلك بالاستعلاء بها أم بالتهدي إليها. وقامت فلسفة التربية على أساس من تلك الغرائز المتوافقة المتناكرة، بل لقد كان فتحاً جديداً في التربية أن اصبح الطفل موضع العناية عند المربين. ولعل روسو واضرابه من فلاسفة القرن الثامن عشر كانوا أول من نادى بتربية الطفل كطفل، وأول من هيأ السبيل للعلماء المحدثين. على أن تلك المسألة قد اختلجت بين الفلسفة والأدب خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، حتى قام فرويد يؤصل أصولها النفسية في السنوات القليلة الماضية. وهنا ظهرت في التربية مبادئ الحرية التي تحاول أن تساير ميول الطفل وغرائزه، وذهب المربون يصطنعون وسائل التعليم على هدى تلك المبادئ الحديثة، فأفلحوا في اصطناع الكثير منها فيما يتصل بكل فروع المعرفة ومنها اللغات.
والطفل عند هؤلاء عامل كبير في تربية نفسه، فليس هو جهازاً مستقبلا، وليس موقفه سلبياً محضاً، وليس ينعم بتلك القابلية التي تستوعب أي شئ وكل شئ من غير أن يكون له من نفسه سلطان على ما يعلم وما يعمل، وإنما نفسية الطفل عندهم فعالة مؤثرة، فهو