ينفرد الأستاذ محمود تيمور بك بين من أعرف من أصدقائي الأدباء، بطبيعة مسالمة، وخلق سبط منسجم، يحاول جهد المستطاع الابتعاد عن مسالك الخصام الأدبي ومواطن الشحناء. ومجمل ما قد تسمعه منه - إذا احتكت الآراء واصطدمت الغايات في موضوع قصة أو كتاب أدبي - رأى بيديه بدون ما تصلب أو تشدد، أو حد يوقفك عنده إذا توعرت وتصعبت. يفعل ذلك ولا تفارقه ابتسامة رخية تطوى تحتها كل شيء، وتجعلك لا تطالع في تقاطيع وجهه ما نم عن تكتم مقصود، أو في رفات جفونه عن نفس كظيمة، ولكني لمحت فيه في هذه المرة وهو يحدثني عن الفرقة القومية ما لا يتفق وما وصفت من طباعه. وأحسب مرد ذلك إلى ألم في النفس من أمل خائب. وهل من ألم أشد على نفس الأديب من صدمة يصدم بها من هذه المؤسسة الثقافية في مثل هذا الوقت؟
سألته ما رأيه في الفرقة القومية، هل نجحت في رسالتها أم فشلت؟ فأجاب:
الفرقة القومية نجحت وفشلت في وقت واحد. نجحت في أنها قدمت لنا بعض الروايات الفنية في إخراج مبتكر وتمثيل متقن، نذكر من ذلك: أهل الكهف، وتاجر البندقية، والجريمة والعقاب.
وفشلت في أن ما قدمته لنا من مثل هذه الروايات كان قليلاً جداً في السنوات الماضية التي اشتغلت فيها؛ وهذا يدل على أن المجهود المبذول من القائمين بأمرها ضعيف
والأقوال كثيرة في أسباب هذا الفشل، وقد عالجها بعض النقاد في حملاتهم على الفرقة، كما أن البعض الآخر أدلى برأيه في الدفاع عنها، فمن ذلك يقال: إن الفرقة تشتري الروايات ولا تمثلها إذ يتضح لها عدم صلاحيتها أو عدم رضا بعض المقامات.
كذلك يقال إن كثيرين من المؤلفين المصريين قدموا روايات جيدة ولكنها أهملتها لأسباب لا محل لذكرها. ولو صحت هذه الأقاويل لدلت على أن الإدارة ليست مستقلة تمام الاستقلال