للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

بين المقابر

للقصصي الروسي تشيكوف

بقلم الأستاذ حسين أحمد أمين

(الريح تعصف، والظلام يزحف علينا. . أليس من الأفضل أن نعود؟)

كانت العاصفة تنساب بين الأشجار الطويلة القديمة عابثة بأوراقها الصفراء المتهالكة، وكان البرد يتساقط بغزارة على جماعتنا. . فإذا بواحد منا ينزلق على الأرض الموحلة فيمسك بصليب كبير يمنعه من السقوط. .

وبدأ الرجل يقرأ ما كتب على الصليب: (أيجور جريا سنورا كوف. . فارس ومستشار خاص. . أنني اعرف هذا الرجل لقد كان يحب زوجته. . ولم يقرأ في حياته كتابا واحدا وكان حسن الهضم وحياته جديرة بأن تعاش. . إنه لم يكن في حاجة إلى أن يموت. . غير أنه - ويا للأسف - مات ضحية لعبقريته وحبه للملاحظة والمراقبة، فبينما كان ينصت من ثقب الباب ذات مرة إذا برأسه يصطدم صدمة عنيفة مات بسبها. . فتحت هذا الصليب يرقد رجل كان يكره الشعر منذ أن كان في المهد. .

أرى شخصا قادما نحونا. .)

وتقدم منا رجل حليق الوجه في معطف قديم وتحت إبطه زجاجة من الفودكا وفى جيبه ربطة من السجق

وسألنا في صوت أجش (أين قبر موشكين، الممثل؟)

وقدناه إلى القبر وكان موشكين قد مات منذ عامين. . وسألناه: هل أنت موظف حكومي؟

- (كلا أنني ممثل وإنه لمن الصعب في أيامنا هذه أن نميز الممثل من الموظف الحكومي. . هذا شيء غريب وهو بلا شك لا يشرف الموظفين. .) كان قبر موشكين مختلفا عن سائر القبور وكانت الأعشاب تغطيه وعلى سطحه صليب صغير رخيص الثمن قد أتلفه الثلج وقرأنا على الصليب: الصديق المنسي. . موشكين. . وكانت الكتابة غير واضحة لتقادم الزمن عليها.

<<  <  ج:
ص:  >  >>