للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الثورة المصرية ١٩١٩]

للأستاذ أبو الفتوح عطيفة

شهداء:

في يوم الاثنين ١٥ من أكتوبر ١٩٥١ أقر البرلمان المصري التشريعات التي قدمتها إليه حكومة جلالة ملك مصر والسودان وهي الخاصة بإلغاء اتفاقيتي السودان ١٨٩٩ ومعاهدة ١٩٣٦، وبذلك تخلصت مصر من القيود التي كانت تحد من سيادتها وحرياتها وتقف في سبيل وحدة الوادي

ولكن الغصب الأجنبي رفض أن يعترف بما قررته مصر، وأعلن تمسكه بالمعاهدة؛ بل زاد فأكثر من قواته البرية والجوية والبحرية

وهنا قام نضال بين مصر التي لا تبغي إثماً ولا عدواناً بين عصابة اللصوص من الدول الاستعمارية فانضمت أمريكا وفرنسا إلى إنجلترا وعملتا على تأييدها وشد أزرها

وكان من الطبيعي أن يظهر المصريون شعورهم وغبطتهم بتحررهم فقامت المظاهرات في جميع أنحاء البلاد تعلن ابتهاج مصر بما قرره البرلمان. وساء الإنجليز ابتهاج المصرين بإلغاء المعاهدة فأطلقوا قواتهم في مدن القنال الهادئة ألوا دعة ثم اعتدوا على الشعب الأعزل بمدافعهم ونيرانهم فسالت دماء الأبرياء من الشهداء المصريين

وأكثر من هذا أنهم منعوا بالقوة تشييع جنازات شهداء مدينة الإسماغعليلية الذين استشهدوا في يوم الثلاثاء ١٦ أكتوبر وهكذا تعتدي إنجلترا - وهي التي تملقت مصر إبان محنتها أثناء الحرب العالمية الثانية - على الأبرياء من المصريين الذين أنقذوها في أخطر فترة مرت عليها في التاريخ، وكان في يدهم لو أرادوا خنقها وإراحة أنفسهم والعالم من بغيها، ولكنهم صدقوا وعودها وآمنوا بما قررته هي وشريكتها أمريكا في ميثاق الأطلنطي ١٩٤١ من احترامهم لحريات الأمم السياسية والفكرية والدينية. فلما انتهت الحرب تبخرت الوعود البريطانية وعادت بريطانيا تعلن ما أخفت وتماطل فيما وعدت وقلبت لمصر ظهر المجن فقتلت أبناءها واحتلت في غمرة بغيها وعدوانها مدينة الإسماعيلية ومكاتب الجمارك في السويس وبورسعيد كما احتلت بلوكات السكك الحديدية في محطة (فرز نفيشة) فليسجل التاريخ وليشهد العالم، وأما أنتم أيها الشهداء الأبرار فإلى جنة الخلد خالدين فيها أبداً

<<  <  ج:
ص:  >  >>