للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[في شعر عائشة التيمورية]

١٨٤٠ - ١٩٠٢

للأستاذ محمد سيد كيلاني

بقية ما نشر في العدد القادم

هذه الأبيات التي سردانها من قصيدتها في رثاء ابنتها هي أروع ما في القصيدة. وهي تصور شعوراُ داخلياُ لحالة فتاة قد أيست من شفائها وأيقنت بهلاكها، فهي تودع أمها الوداع الأخير وترجوا أن يترفق بها اللحاد حين يوسدها الثرى ويهيل عليها التراب. وتسأل أمها أن تصون جهاز عرسها تذكاراُ لها. واسمع إلى أمها حين تجيب ابنتها:

فأجبتها والدمع يحبس منطقي ... والدهر من بعد الجوار يجور

بنتاه يا كبدي ولوعة مهجتي ... قد زال صفو شأنه التكدير

لا توصي ثكلا أذاب وتينها ... حزن عليك وحسرة وزفير

هكذا ردت عائشة على ابنتها. وهو رد ضعيف، وكان ينبغي أن يكون أقوى من ذلك بكثير والمعاني في هذه الأبيات تافهة. ثم تأخذ قيمة القصيدة بعد ذلك في الانحدار، ويختفي الشعور الداخلي بيتا ُبعد بيت حتى ينعدم تماماُ وتنقلب إلى نوع من النظم الذي لا رائحة فيه للشعر. وهذا دليل على ضعف الشاعرة وضيق افقها. ولو أنها وهبت حظاُ من الشاعرية لاستوحت من المقام جملة قصائد مبكية لا قصيدة واحدة، وبخاصة أن بنتها ماتت وهي في فجر شبابها. وقد قيل أنها انقطعت عن قول الشعر بعد وفاة بنتها هذه لمدة سبعة أعوام

ولعائشة قصيدة رثت بها والدها ومطلعها:

عز العزاء على بني الغبراء ... لما توارى النجم بالظلماء

وقد ذكرت في هذه القصيدة مجئ الطبيب إلى والدها، ثم أنطقت أباها بعد أبيات مؤثرة. ثم شرعت بعد ذلك تندب وتنوح فقالت:

يا حسرة ابنته إذا نظرت لها ... بمماته عين من البأساء

قالت وحق سنا أبوتك التي ... كانت ضياء الأمن للأبناء

<<  <  ج:
ص:  >  >>