(ملخصة عن كتاب (وجوه وملامح جديدة) للدكتور ماكسويل مولتز)
يرى الكثيرون أن ملامح الوجه تدل على الأخلاق. فيرون في قصر الذقن دلالة على الحماقة وفي اعتدالها ما يدل على الحزم، ويرون في انحدار الجبهة أو طول الآذان دلالة على البلادة، وفي شيب الشعر وتجاعيد الوجه علامة على كبر السن، وفي غلظ الشفة دلالة على الشهوة
وفهم الأخلاق على هذا الوجه لا قيمة له من الوجهة العملية لقد كانت الملامح في الأزمان الغابرة هي الدليل الوحيد لمعرفة أخلاق الإنسان، إذ لم يكن معروفاً أثر الظواهر الطبيعية في تكوينه. فكانوا يحكمون على نوايا الرجل لمجرد النظر إلى وجهه فيعرفون إن كان من أصدقائهم أو من أعدائهم، وكم أزهقت نفوس بريئة للالتباس في أمرها!
إن الحكم على الطبيعة الإنسانية له أهمية كبيرة في حياتنا الاجتماعية، ولكننا مع ذلك لا نزال نتوسل إليه بالطرق العقيمة التي كان يلجأ إليها آباؤنا الأقدمون في فهم الأخلاق والخبايا
يقول البروفسير (كليتون) إن أصدقاءنا أكثر قابلية للحكم علينا من الأجنبيين، إذ أن الأخيرين يتأثرون في كثير من الأحوال بالمظاهر المألوفة عند أصدقائنا
ويقول (جاسترو) إن الحكم على الإنسان بسلوكه وتعبيره وحركاته وأحواله وكلامه ونبرات صوته أصدق وأولى من الحكم عليه بمظهره
إننا لا نستطيع أن نقول عن إنسان أن له آذاناً طويلة لأنه على جانب عظيم من البلادة، فلماذا نقول عن شخص إنه على جانب عظيم من البلادة لأن له آذاناً طويلة؟ إن العقل لا يقر هذا ولا يقر ذاك، ولكن من المعقول أن نقول إن الطفل الذي له آذان تزيد في طولها عن المعهود، يلاقي بعض المشقات في حياته لخروجه عن المألوف. فيرى من سخرية أصدقائه ما يجعله يؤثر العزلة والانزواء في غالب الأحيان وفي ذلك ما فيه من التأثير على حياته وأعماله، ولكننا لا نستطيع مع ذلك أن نجعل الوجه دليلاً على شخصية الرجل، فيكفي لنفي ذلك أن نعرف التأثرات التي تعترض الطفل وهو يقضي تسعة أشهر في بطن