أعداء الإنسانية كثير، وصولتها في مملكة الشر قائمة على قدم وساق، وإنها لتعبث في الأرض فساداً ما وسعها أن تعبث.
ومنذ نجمت هذه الأعداء قام في وجهها دعاة الخير، وأحلاف الفضيلة، يحدون من عدوانها على وجه الأرض، ويكفون أذاها عن الناس.
وما برحت أسماعنا تهزها أصداء الحملة على ثلاثة من هذه الأعداء، أوغلت في البغي، وأمعنت في الشر، فنهض لها قادة الأمة يشنون عليها غارة شعواء. . . تلك هي: ثالوث الفقر والجهل والمرض.
وليس ينكر أحد ما لهذا الثالوث الكريه من جسيم الخطر، فإليه مردَّ ما تعانيه الأمة من آلام شداد، وما يعتاق خطاها إلى الأمام من عقاب صعاب.
بيد أن هذه الأعداء الثلاثة على جسامة خطرها تبرز في المعسكر المادي للعيان، وتغنى في محاربتها عدَّة حازمة من وسائل الاقتصاد. فما أشبهها بالقروح الظاهرة، داؤها مكشوف، ودواؤها معروف، إذا أنت أخذت فيها بأسباب العلاج، خبيراً به، محكماً له، كان لك أن تستقبل طلائع الشفاء.
وثمة في حياتنا العامة أعداء باطنة تكمن في دخيلة النفوس، ويسري أذاها في المجتمع مسرى الدم في العروق. وهذه الأعداء المعنوية هي التي يتعذر التخلص منها إلا بجهد ورياضة ومعاناة.
ومما لا ريب فيه أن المعنويات هي الأساس في سعادة الإنسان. فكلما صلحت المعنويات أفاضت من صلاحها على الماديات.
ليست تلك المعنويات إلا الروح، وإذا قويت طاقات الروح لم تقو عقبة على أن يبقى لها سلطان.
متى توافرت للنفس عقيدة وإيمان، مضت في طريقها تشقه، حتى تروعك من أعمالها بالمعجزات.
أفي مستطاع امرئ أن يسعى في مطاولة أعداء الإنسانية في المعسكر المادي، دون أن