لم يطل بنا المكث في ربوع سويسرا الجميلة فغادرنا (تسيريخ)(زيورخ) إلى ألمانيا عن طريق شافهاوزن، وقصدنا (منشن)(ميونيخ) عاصمة بافاريا عن طريق أوجسبورج واولم؛ وفي أثناء الزيارة الجمركية عند الحدود الألمانية، أحصى الموظف المختص ما معنا من صنوف النقد الأجنبي وقيمه وأثبتها بعد الاطلاع عليها في شهادة خاصة؛ وهذا إجراء لا بد منه لكي يستطيع السائح أن يخرج من ألمانيا بما يحمل من صنوف النقد الأجنبي، ووصلنا إلى (منشن) عصراً بعد رحلة ممتعة خلال سهولة بافاريا الغنية، فألفينا المدينة تموج بالوافدين عليها من السياج من مختلف الأقطار، وألفينا الفنادق غاصة بالزائرين، وقد رفعت أجورها جميعاً عن الأسعار الرسمية المدونة في سجل الفنادق الألمانية؛ وقد كانت دورة الألعاب الأولمبية قد بدأت في برلين قبل ذلك بأيام، فلم نرغب في الذهاب إليها اجتناباً لضجيجها وحياتها الصاخبة، وآثرنا البقاء في منشن وبافاريا فلم نجد ما كنا ننشد من الراحة والهدوء
وقد تحدثنا في فصل سابق عن (منشن) ومناظرها وعن أبهاء البيرة الضخمة التي اشتهرت بها، فلا نعود إلى ذلك. وإنما نلاحظ هنا فقط أن الفنادق الألمانية لا ترضى بالأسعار الرسمية التي تقيدت بقبولها والتي يعول عليها السائح، وهي مدونة في دليل الفنادق الرسمي الذي يقدم إليك؛ وإن السائح يتكبد في صرف تحاويل السياحة (رجستر مارك) خسائر لا مبرر لها، فكل تحويل بخمسين ماركا أو أقل يؤخذ عنه (مارك) ويؤخذ عن المائة مارك ونصف مارك، وهكذا فإذا ذكرت أنه يؤخذ مثل هذه النسبة أو أكثر عند شراء التحويل، فإن (العمولة) قد تصل بذلك إلى أربعة أو خمسة في المائة، هذا والسائح الذي يريد أن يحول ما تبقى لديه من النقد الألماني بعد انتهاء زيارته يتكبد في تحويله خسارة لا تقل عن عشرين أو خمسة وعشرين في المائة، وهذه نسبة غير معقولة.
أضف إلى ذلك أن نفقات المعيشة في ألمانيا ليست من الرخص كما يقال، وهذا بالرغم مما وضعته ألمانيا من تسهيل في مسألة النقد بتقرير (الرجستر مارك) للسياج؛ وتمنح ألمانيا