كتاب الموالد الذي نلخصه لقراء الرسالة كتاب طريف وجليل يتناول ناحية طريفة وجليلة من حياتنا الشعبية. ومؤلف هذا الكتاب البمباشي ماكفرسون أمضى ما يزيد على ربع قرن في مصر تقلب خلالها في عدة مناصب إدارية، فاشتغل زمنا بوزارتي المعارف والزراعة، ثم انتقل إلى وزارة الداخلية وشغل منصب (مأمور ضبط) برتبة بمباشي، وظل في هذا المنصب عدة سنين. فهو إذن بحكم السنين الطويلة التي أمضاها في مصر، وبحكم منصبه في البوليس على الخصوص من أفضل من يمكنهم الكتابة في موضوع الموالد
وينقسم الكتاب إلى قسمين: في القسم الأول تناول المؤلف الموالد على العموم، فتكلم في نشأتها ومصادرها ومظاهرها الدينية والدنيوية وما إلى ذلك. أما القسم الثاني، فقد تكلم فيه المؤلف عن بعض الخصائص التي يتميز بها كل مولد على حدة، وينفرد بها دون غيره من الموالد
ولكن الكتاب على قيمته لا يخلو من بعض العيوب، وأظهر هذه العيوب هو عدم تسلسل أفكار الكاتب تسلسلا منطقيا، فنجده ينتقل من فكرة لأخرى بدون سابق تمهيد، ثم ما يلبث أن يعود ثانية إلى الفكرة الأولى مما قد يوقع القارئ في شيء من الاضطراب. كذلك يكثر من الاستطراد والتكرار في ثنايا الكتاب، وقد يبلغ أحيانا إلى حد الإملال. ويأخذ عليه الأستاذ ايفانز برتشارد أستاذ علم الاجتماع السابق بجامعة فؤاد الأول - وهو الذي كتب مقدمة الكتاب - أن المؤلف لم يلتزم في كتابه أصول المنهج الاجتماعي الدقيق الذي يوجب على الباحث أن يكتفي بوصف ما يقع أمام ناظريه وصفا دقيقا دون أن يجعل شعوره الخاص يطغى على ما يكتب ويوجه كتابته ناحية معينة، وألا يسمح لنفسه بالحكم على الظواهر الاجتماعية التي يراها حكما أخلاقيا، فيصفها بالخير أو الشر، بالصحة أو الخطأ، كما حاول ماكفرسون أن يفعل وخاصة في الفصول الأولى، ولكن مهما يكن من شيء، فإن هذا الكتاب يسد فراغا هائلا في دراسة مظاهر الحياة الشعبية عند المصريين المحدثين