والتنظيم الإداري في منطقة الآبار يبلغ درجة عظيمة من الاتقان، والدخول فيها لغير موظفي الشركة غير مسموح، والتدخين فيها ممنوع والقائمون بالعمل فيها ثلاث فئات، طبقة الموظفين الكبار الصناع، وهم خليط من الإنجليز والفرنسيين والأرمن، ثم طبقة الصناع والعمال وغالبيتهم من المصريين من أهالي قنا وقفط، ويقيمون في قرية منازلها نظيفة منسقة في طرفها الشمالي مسجد كبير شيده العمال على نفقتهم الخاصة، ويقوم بالإمامة فيه عالم من الأزهر سمعته يوم الجمعة يلقي الخطبة بعبارة مهذبة جلية، وبالقرب من المسجد كنيسة للأقباط، وفي الجهة الغربية من القرية مدرسة أولية يتعلم فيها أولاد العمال وصغار الموظفين، وبالقرية حانوتان كبيران تباع فيهما أنواع الحاجات المنزلية بأثمان معتدلة، وسكان القرية نحو ٦٥٠ نسمة منهم ٤٥٠ من الصناع والعمال.
وبالغردقة طبيب ومأمور تابع لمصلحة الحدود لفض المنازعات، ويقيم بها أيضاً مفتش سواحل البحر الأحمر، وهو موظف مصري كبير تمتد سلطته من جنوبي القصير حتى السويس، مركزه دقيق فهو يقوم بالحكم في أربع مناطق نفوذ لشركات أجنبية قوية، ففي القصير وسفاجة شركتان للفوسفات الأولى طليانية والثانية إنجليزية، وفي الغردقة ودمشة شركتان للبترول وهما إنجليزيتان، ومن أهم واجباته صون النظام العام داخل هذه الشركات والمحافظة على الأرواح والأملاك
في سفاجة
في طريق معبدة تارة تحاذي البحر في انبساط وطورا تحيد عنه إلى سفوح الجبال فتعلو وتهبط وتنحني وتنثني - في هذا الطريق درجت بنا السيارة في الصباح جهة الجنوب قاصدة سفاجة إحدى مواني الفوسفات على البحر الأحمر فوصلناها ضحى، بعد أن قطعنا سبعين كيلومترا في ثلاث ساعات، وسفاجة كالغردقة - كل منهما مركز لشركة أجنبية، فهناك البترول وهنا الفوسفات، وهناك (فيللات) مشيدة ومساكن منسقة وهنا أيضاً (فيللات)