للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الفن القصصي في القرآن]

للأستاذ عبد المتعال الصعيدي

وأخيراً عزمت أن أكتب في هذا الموضوع، بعد أن رأيت الذين كتبوا فيه لم يتناولوه من الناحية التي يجب أن تتناول فيه، وتجعل المخطئ يلمس خطأه فلا يسعه إلا أن يعترف به، وهذا هو الذي يجب أن يؤخذ به المخطئ في الإسلام، لأنه دين الإقناع، ولأن وسيلته هي الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، فإذا جاوز من يريد الدفاع عنه هذه الوسيلة أضربه من حيث يريد نفعه، ولا سيما في هذا العصر الذي صار الناس يمقتون فيه هذه الوسائل في المسائل الدينية، ويأخذونها على أصحابها أقسى مؤاخذة.

وإني أحب أن انبه الذين يتخذون هذه الوسائل إلى أنها تؤدي إلى عكس ما يقصدون، وتحمل بعض الناس على أن يشتط في رأيه، ليقسوا في الحملة عليه، ويذهبوا إلى أنه ملحد يجب أن يعاقب أشد عقاب، فيصير في نظره ونظر بعض الناس مثل غاليلو وغيره من فلاسفة أوربا، فقد اضطهدهم رجال الدين في أوربا على بعض آرائهم، فصار هذا الاضطهاد محمدة من محامدهم، وصار مذمة لمضطهديهم.

فلنقتصر على تخطئة من يذهب به عندنا حب الشهرة إلى مثل ذلك الشطط في الرأي، ولنبخل عليه بما يريد من رميه بالإلحاد والزندقة، حتى لا نمكنه من أن يظهر بين الناس بما يحب، أو يجعل نفسه ضحية من ضحايا الرأي، فليس أوجع في نفسه من أن نأخذه في رفق حتى نبين للناس خطأه، وحتى يرى أنه لا سبيل له إلا أن يعترف بالخطأ فيعترف، فإن لم يعترف على نفسه كفاه حكم الناس عليه، وللناس عقول تفهم، والحلال بين والحرام بين.

لقد أراد بعض الناس أن يرد على صاحب رسالة الفن القصصي في القرآن، ففتحوا أمامه المجال في الرد عليهم، فأردت أن أقوم بما يجب علي في هذا الموضوع، ليصل الناس فيه إلى رأي حاسم، وينصرفوا عنه إلى ما هو أجدى عليهم، ويعرفوا أن صاحب هذه الرسالة لم يكن له أن يطفر إلى الكتابة في موضوع القرآن، وهو يجهل تعريف التناقض في المنطق، ويبني على جهله به حكماً خطيراً في قصة إبراهيم عليه السلام، كما جاء في التقرير الذي رفعه الأستاذ أحمد الأمين إلى عميد كلية الآداب، وقد نشر بالعدد - ٧٤٤ -

<<  <  ج:
ص:  >  >>