زار صاحب الجلالة الملك منذ سنتين المنطقة الصحراوية الواقعة جنوبي حلوان، فأدرك قيمتها الأثرية وتوقع جلالته أن يعثر الباحثون فيها على آثار ذات شأن، فاصدر أمره الكريم بمزاولة الحفر فيها على نفقته الخاصة، وتفضل فعهد بذلك إلى الأستاذ زكي يوسف سعد كبير مفتشي الآثار في منطقتي القاهرة والجيزة، فبدا العمل في يوليو سنة ١٩٤٢ ولم يكد ينتهي موسم الحفر في تلك السنة حتى كشف عن ٧٣٥ مقبرة يرجع عهدها إلى الأسرة الأولى (٣٠٠٠ قبل الميلاد) وفي عام ١٩٤٣ كشف عن ١٢٦٦ مقبرة، ولا يزال يتابع الحفر والكشف، والمأمول لن يصل إلى نتائج عظيمة. وقد دل المكشوف منها على حقائق تاريخية هامة أشار إليها أتحد أستاذة الآثار البريطانيين في جريدة الصنداي تايمز قال (إن لهذا الكشف ميزة خاصة لمن يريد دراسة تاريخ العصور الأولى في مصر؛ وذلك لما له من أهمية تاريخية لا تتوفر دائما في الآثار العظيمة الأخرى كالتي وجدت في مقبرة توت عنخ آمون، لأن هذه المقبرة لم تلقي أي ضوء على أمر جديد، بل أيدت ما كان معلوماً من فبل عن طريق إلاستنتاج، كما أنها أمدت المتحف بقطع ثمينة، في حين أن هذا الكشف الجديد يرجع بنا إلى عصر من اقدم العصور، وقد يجلو للعلماء الذين لم تتوفر لديهم البيانات ما يعينهم على الوصول إلى ما يبتغونه من النتائج.
وثمة أمر آخر وهو أن في هذا الكشف ما يثبت قيام أسرة ملكية قبل عهد الأسرة الأولى.
أنا نعلم أنه هناك ملوك حكموا مصر فبل عهد الأسرة الأولى، وأن الحفائر التي قام بها العلامة ايمري مدة عشر سنوات فبل عام ١٩٣٩ قد برهنت على أن الأدوات المصنوعة من الأحجار والتي ترجع إلى عهد الأسرة الأولى هي ابعد في القدم مما كنا نظن، ولكن هذه الآثار الحديثة التي كشف عنها الأستاذ زكي يوسف، قد أظهرت حقائق جديدة مدهشة عن عصور اشد قدماً. على أنه ينبغي أن ننتظر ما ينشر عن هذه الاستكشافات، قبل أن نبدي فيها رأيا).
وقال الدكتور دريتون مدير مصلحة الآثار المصرية: (إن هذا الكشف ذو أهمية كبيرة من الناحية التاريخية فضلا عن أنه عنصر جديد لتاريخ المصاطب القديمة التي يرجع تاريخها