نقلت الأنباء البرقية تفاصيل الزيارة التي قام بها سلطان مراكش لمنطقة طنجة، وقالت هذه الأنباء فيما نقلته:(وقد أدى السلطان صلاة الجمعة في مسجد طنجة الكبير، ودهش الناس إذ رأوه يرتقي منبر المسجد ويلقي خطبة الجمعة بدل الإمام. .)
دهش الناس!! هكذا قالت الأنباء في روايتها بالنص، وحق للناس والله أن يدهشوا وأن يعجبوا، لأنهم يعتقدون في هذه الأيام أن مرتبة الخطبة في الجمعة مرتبة نازلة يكفي أن يتقلدها فقيه كتّاب، أو شخص يحسن قراءة الفقرات المسجوعة من كتاب. .
كلا أيها الناس، لا موضع للدهشة لو علمتم، فقد شرعت خطبة الجمعة لتكون قوة موجهة للعقول والأفكار، ولتكون صلة بين الحاكم والرعية في التوجه إلى الدين والأخذ بمظاهر الدنيا، وقد كانت مرتبة النبوة من قبل، وكان منبر المسجد مرقى الخلفاء الراشدين وحكام المسلمين، وكانت في موضوعها يوم ذاك تعالج الحال القائمة في صفوف الجماعة، وفي أسلوبها نموذج من الأدب العالي تتجلى فيه الروعة والبراعة، فلما صار الأمر في قيادة العرب للأعاجم، وارتضخت الألسن العامية واللكنة، وتدلت الأقدار عن مراقيها، كان شأن الخطبة ما نراه اليوم، مادتها كلام ملق مضطرب، وأداتها سيف من الخشب، وهدفها تعداد الفضائل للأيام والمواسم. . . إنه تقليد حسن ذلك الذي أحياه سلطان مراكش العظيم، فهل يمكن أن نراه تقليداً سائداً في جميع الأقطار الإسلامية؟.
الغرب والسيادة الأدبية:
تنشر (الأهرام) تحقيقات صحفية عن الحالة في إيطاليا بعد الحرب للصحفي النابه الأستاذ أميل خوري، وهي تحقيقات تتميز بدقة الملاحظة وعمق التفكير وتبين العلل الكامنة وراء الظواهر الواضحة. .
وإنما يعنينا من هذه التحقيقات كلمة عرض بها الكاتب إلى الحالة الأدبية في إيطاليا خاصة وفي أوربا عامة إذ قال: (والأضرار الأدبية التي أنزلها الفاشية الغاشمة بالأمة الإيطالية يلمس الباحث بعضها في ضعف الإنتاج الفكري ذي القيمة الصحيحة، فقد تضاءل عدد الأدباء المنتجين من أبناء الجيل الذي تفتحت أكمام نفسه لشمس الحياة في مطلع عهد