للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الكهلان]

للكاتب الفرنسي الفونس دودبه

- هل هذا كتاب أيها الأب أزان؟

- نعم يا سيدي. أنه آتٍ من باريس.

كان الشيخ الوقور ينظر إلى كل ما هو قادم من باريس في رهبة وإعجاب، ولذلك سلم لي الرسالة بعناية واحترام.

ولما كنت رجلاً لا أسير وراء الخيال، ولا أبالي بسحر العاصمة، فقد ألقيت نظرة على الرسالة القادمة في الصباح المبكر وكأنها نذير بحلول زائر سأبتلي بمقدمة هذا اليوم. ولكني كنت مخطئاً، فقد كانت الرسالة تتضمن الآتي:

(عزيزي دودية - يجب أن تغلق الطاحونة اليوم وتذهب في مهمة لأجلي إلى إيجوير. إنها على بعد عشرة أميال ليس إلا من الطاحونة، نزهة صباحية لشباب مثلك (ولم يذكر نزهة أوبتي!) وعندما تصل، اسأل عن ملجأ الأيتام، فبجواره تقع دار صغيرة ذات نوافذ رمادية، وحديقة خلفية. وستجد الباب دائماً مفتوحاً، فادلف إلى الدار دون أن تطرقه. ثم صح بأعلى صوتك) صباحاً طيباً يا أصدقائي، إني صديق موريس (وعندئذ ستشاهد عجوزين، من الحفريات، قبل عهد الطوفان، غارقين في مقعدين أكثر قدما منهما فعانقهما لأجلي كما لو كانا من أجدادك الطيبين. ثم تحدث معهما فسرعان ما يشتركان معك في حديث واحد لا ينتهي - حديث موضوعه موريس. ولن يكلا مطلقاً من تقريظ كمال منقطع النظير لذلك الأنموذج الكامل الفريد الذي لم يكن ولن يكون. وأرجو ألا تتخلى عني، ولا تتردد في الإجابة عن أسئلتهما. اضحك كما تشاء! ولكنهما جداي، رفيقاي في حياتي الطويلة إلى عشر سنوات مضت. نعم، إنها عشر سنوات منذ أن رحلت عنهما قاصداً باريس.

(إن هذين الثرين الواهنين قد يتناثران في الطريق إذا حاولا القيام برحلة إلى هنا. فأرجو يا صديقي الطحان المحترم أن تقوم بواجبات البنوة بدلاً مني وتقبلهما. لقد انتهيت من رسم صورة لك بالحجم الطبيعي عندهم، ولونت فيها ملامحك باللون الوردي. . .) وسارت الرسالة على هذا النمط حتى نهايتها.

وهكذا شاء حظي العاثر ألا أستمتع بهذا اليوم الفريد، فأظل بالدار غارقاً في بحاراً أحلامي

<<  <  ج:
ص:  >  >>