أفردت مجلة (الكتاب) في عدد يناير الماضي فصلا مسهبا عن التآليف التي ظهرت في عام ١٩٤٥ سردت فيه هذه الكتب بعدما بوبتها ونسقتها وفقا لموضوعاتها. وقد استوقف نظري آنذاك أن المسرحية لم تظفر من هذا الحصاد الوافر بأكثر من أربعة كتب هي: مسرحيتان ترجمهما الأستاذ محمد عوض إبراهيم بك عن شكسبير وهما: (الليلة الثانية عشرة) و (أنطوني وكليوباترة) ومسرحية شعرية للأستاذ عامر محمد بحيري عن (خالد بن الوليد) ومسرحية ترجمتها عن الكاتب السويدي أوجست سترندبرج وهي (الأب). ودفعني هذا إلى السؤال عن سبب تخلف الإنتاج المسرحي في مصر برغم أن المسرح أصبح من دعائم الثقافة ووسائل التهذيب، فضلا عن التسلية. فجاء الجواب من صديق من أصحاب دور النشر بان المسرحيات لا تصادف إقبالا من القراء وأنهم يصدفون عنها ويولون عنايتهم شطر الأقاصيص.
وإنه لأمر يدعو إلى العجب حقا، لأن المسرحية في الأدب الغربي لها مقام ممتاز، بل إنها كثيرا ما تتقدم على القصة. وما ذلك إلا لأن المسرحيات عامة - ولا سيما الأدبية منها - تعتمد إلى حد كبير على جودة الحوار وقوته، بينما الأقاصيص لا تعلق مثل هذا الشأن على الحوار لأن الوصف يغلب في معظم الأحيان على عنصر الحوار فيها.
ومما يدعو إلى الدهشة كذلك أن غالبية الكتاب العظام في العالم كتبوا المسرحية أمثال شكسبير (الذي اقتصر على كتابة هذا اللون من الفن) وإبسن وتشيكوف وجوركي وشنتزلر وجورج برنردشو، أما الأدب العربي فهو معرض عن هذا الفن لأسباب قد يكون منها المحافظة على القديم. والمعروف أن العرب الأقدمين لم يكتبوا المسرحية، وأن المرحوم أحمد شوقي بك كان من رواد هذا الضرب من الأدب بما أنتجه من مسرحياته الشعرية:(مصرع كليوباترا) و (مجنون ليلى) و (قمبيز). . . الخ.