للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[كيف يكتب التاريخ]

للدكتور حسن عثمان

مدرس التاريخ الحديث بكلية الآداب

- ٢ -

العلوم المساعدة

المقبل على دراسة التاريخ وكتابته ينبغي أن يعلم من أو الأمر أنه مقبل على عمل شاق يتطلب الجهد والتضحية والصبر الطويل، وأنه تلزمه دراسة عميقة وتحصيل جدي. وأنواع المعرفة الإنسانية متداخلة متشابكة فيما بينها؛ ولا يمكن أن يدرس علم معين مستقلاً بذاته عن باقي العلوم الأخرى. فمثلاً لا يستطيع الإنسان أن يفهم القرآن بدون أن يعرف اللغة العربية وعلم القراآت والفقه. . . وكذلك دراسة التاريخ متصلة بأنواع مختلفة من المعرفة الإنسانية. وكاتب التاريخ ينبغ أن يكون واسع الثقافة عارفاً بالعلوم المتصلة مباشرة بدراسة وكتابة التاريخ. ويمكن أن تسمى أنواع المعرفة اللازمة للمؤرخ بالعلوم المساعدة؛ وهي تختلف باختلاف العصر الذي يرغب الكتابة عنه؛ فالعلوم المساعدة اللازمة لمن يكتب في تاريخ اليونان القديم تختلف عن العلوم المساعدة الضرورية لمن يكتب في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية

ومعرفة اللغات من أهم العلوم المساعدة الضرورية للراغب في كتابة التاريخ. فلابد أولاً من معرفة اللغة الأصلية للعصر التاريخي المرغوب الكتابة عنه، لأن التراجم التي تكفي للثقافة العامة لا تكفي المؤرخ للتغلغل في تاريخ ذلك العصر، فالراغب في الكتابة عن تاريخ اليونان القديم لابد له من معرفة اللغة اليونانية القديمة. ومن يرغب الكتابة عن تاريخ العصور الوسطى في الغرب يلزمه معرفة اللغة اللاتينية التي كانت سائدة في تلك العصور. والراغب في الكتابة عن تاريخ إيطاليا من الضروري له أن يعرف اللغة الإيطالية. وأهمية اللغات لا تكون بدرجة واحدة بالنسبة للعصور التاريخية المختلفة. فمثلاً الراغب في الكتابة عن الثورة الفرنسية ليس من الضروري أن يعرف اللاتينية، ومن الأفضل أن يصرف جهده لتعلم لغة أوربية حديثة؛ ولكن اللاتينية ضرورية لمن يرغب في

<<  <  ج:
ص:  >  >>