[رسالة الشعر]
تكريم صيدح بدمشق
(زار دمشق في خريف عام ١٩٥١ شاعر المهجر الكبير الأستاذ جورج صيدح فأقام له - النادي العربي بدمشق - حفلة (تكريمية) كبرى جمعت العدد الأكبر من شعراء دمشق وأدبائها وشبابها المثقف، وها هي ذي قصيدة الأستاذ أنور العطار التي حيا بها صديقه الشاعر الأستاذ جورج صيدح باسم دمشق، تتلوها قصيدة المحتفى به في حفلة تكريمه)
دارة العرب
فلسطين! يا دنيا المجادة والحب ... ويا مهبط الإلهام والحلم العذب
عليك سلام العرب يندى مواجعا ... ويشرب دمع العين غربا إلى غرب
تطوف بك الذكرى ويهفو لك الهوى ... كأني فيك الجسم خلوا من القلب
بنفسي وأهلي أرضها وسماءها ... ويا لهفي للسهل منها وللهضب
حننا إليها وهي ملء ضلوعنا ... كأن رؤاها حائمات على قرب
فديتك لم أمعنت في الهجر والقلى ... وعشت على صدر وأسرفت في العتب
ولم رحت لا تلوين إلا على النوى ... أمن أمل رحب إلى أمل نهب!
ديار الهوى لا زلت مخضرة المنى ... ترف على مغناك فينانة العشب
أراك بعين الحب طيفا مجسدا ... يقاسمني كربي ويغفر لي ذنبي
فهل لفنا الماضي خيالا على المدى ... وألفنا كالهدب يعلق بالهدب
أيا روضة الأحباب لولاك ما ارتوت ... جفوني، ولا روتك بالهاطل الصب
ولا طاف بي التذكار حلوا كأنما ... أعيش به في عالم مونق رحب
خيالك في عيني وذكراك في فمي ... وبي منك ما يغري المحب وما يصبي
لأنت هوى قلبي الذي مضه الهوى ... وعلله بالوصل كالعاشق الصب
وما غبت عن طرفي وإن بعد المدى ... ولكننا في الحب جنبا إلى جنب
وما ذكرتك النفس إلا تولهت ... وهيمها برح فباتت بلالب
وإن بتذكار الديار علالة ... تروح عنها ما تعاني من اللهب
يهيج جواها الشوق والشوق عاصف ... كأن على أنفاسه زفرة النحب