للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

يوميات جينيفييف

للكاتب الفرنسي مارسيل بريفو

بقلم الدكتور محمد غلاب

١ - الاسوداد:

٢٠ مايو

لماذا أنا مهتاجة ومحزونة؟ لماذا قلبي مفعم باسوداد بشع كما كانت تقول الأم (ملكة الملائكة) في ذلك الوقت السعيد الذي لم أكن مشغولة فيه إلا بشواغل فتيات الدير، والذي لم أكن فيه متزوجة، ولا. . . ماذا كنت سأكتب؟ إن كل سروري اليوم ينحصر في أني أم. كل سروري اليوم هو عزيزي الذي يبلغ من العمر تسعة عشر شهراً، إنه هو (رينيهي) الصغير.

إن الأم (ملكة الملائكة) كانت قد وضعت هذا الاسم أي (الاسوداد) لتنعت به الأشياء المتوجة الثقيلة المظلمة التي تضغط على القلب دون أن يعرف أحد مم جاءت، ولاماهي، ولكنها كانت أيضا قد ابتدعت برنامجاً لمحاربة هذا الاسوداد وهو أن يعتزل الإنسان الناس ويأوي منفرداً إلى غرفته، وفي يده قلم وورقة بيضاء، وأن ينظر بعناية إلى أعماق نفسه، فبفضل إدمان هذا الامتحان يصل الإنسان دائماً إلى اكتشاف ذلك الاسوداد مختبئاً في زاوية من زوايا قلبه. ومعنى أن جميع الأسباب الغامضة التي عنها ينشأ الحزن ستنتهي بأن تتكشف يوما ما، إذ كلما يلمح الإنسان سببا من هذه الأسباب يقيده في تلك الورقة بقدر ما يتيسر له من إيضاح ونظام، فإذا ما تمت كتابة هذه النقط وجب على ذلك المخزون أن يتأمل فيه جميعها في شيء من التفصيل. ولقد كنا نفعل ذلك كلما ألم بنا الحزن، وكنا نجتهد دائماً في أن نجد الدواء لكل اسوداد، وإلا فقد كنا نوطن النفس على الاحتمال، وكانت هذه العملية دائماً تنجح في إعادة الهدوء والتفاؤل إلى النفوس.

واحر قلباه! إني بقدر ما أخطو في الحياة المستقلة التي يدعونها بالحياة الزوجية ألمح أن هذه الحياة عابثة ومليئة بالضعف والبؤس، وليس لهذا من سبب إلا أنني لم أعد أتمسك

<<  <  ج:
ص:  >  >>