أفرد الدكتور علي إبراهيم حسن في كتابه (دراسات في تاريخ المماليك البحرية) بابا عن السياسة الخارجية ضمنه حروب مصر وعلاقاتها مع الدول الأجنبية، وهو بحث شيق دل على سعة اطلاعه وتدقيقه حينما عرض لما يتعلق بدول المغول في فارس والقفجاق والهند، ولكني دهشت حينما أفرد قسماً لدولة سماها أرمينية وأدخل في حروب مصر معها فتح ملطية أتمد وغيرهما من البلاد الإسلامية إذ قال في صفحة ١٦٨ (إلا أن الأرمن قد عاودا العصيان فارس إليهم الناصر حملة وأمر تنكر بالانضمام إليها، فخرج في أول محرم سنة ٧١٥ وحاصر ملطية ودخلها في يوم الثلاثاء ٢٣محرم من تلك السنة.) وفي صفحة ١٦ (توالت انتصارات جند الناصر ففتحوا مدينة عزقية من أعمال أمد في سنة ٧١٥ ثم فتحوا أمد بعد ذلك وقد ساعدت الأحوال السيئة في بلاد أرمينية الناصر محمداً على غزوها فقد تولى عرشها الملك ليو الخامس).
والمعروف أن أرمينية الجغرافية لم يكن لها وجود سياسي في ذلك الوقت، ولم تكن ملطية ولا أمد تحت سلطان الملك ليو الخامس، وإنما كانت هناك مملكة للأرمن على أطراف بحر الشام وكان صاحبها يطلق عليه (متملك سيس) وقد انحصر ملك الروم في منطق من السهول حول مدية سيس تحيط بها الحصون التي أنشأها المسلمون والصليبيون واحتلها الأرمن وتحصنوا فيها، وماتت هذه الأمة تخضع أحيانا خضوعاً اسمياً لمصر وتخالف المغول إذا جاءوا للفتح وتدارى ملوك الروم من سلاجقة وتركمان، أذن فلا علاقة بين هذه المقاطعة والحروب التي قامت في عهد الناصر في ديار بكر والجزيرة وأرض الروم وترتب عليها فتح ملطية وأمد وغيرهما فقد حضر أبو الفداء تجمع عسكر مصر والشام في حلب ولازم الملة في خروجها لفتح ملا طية وحدثنا عن المراحل التي قطعها الجيش المصري من عينتان إلى نه المرزيان وصحته مرزنان إلى عيان فالنهر الأزرق قال (وجلنا حصن منصور على يميننا) ثم إلى زبطرة حتى حصار ملطية ولم ذكر في ملطية حاكماً اسم جمال الدين الخضر وهو من بيت بعض أمراء الروم. وأماكن هذه المواقع التي مرتبها الحملة في سيرها وعودتها معروفة على لخرائط وهي بعيدة عن أراضي ملك الأرمن في