للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الأدب والفن في أسبوع]

للأستاذ عباس خضر

براعم الفصحى:

ذهبت إلى مدرسة محمود فهمي النقراشي باشا النموذجية الابتدائية بحدائق القبة، وبي شوق إلى رؤية تلاميذها وسماعهم يتحدثون باللغة العربية الفصحى؛ وكان هذا هو الداعي إلى زيارتي للمدرسة، وكأني يئست أن أسمع العربية في التخاطب بين الكبار وفيهم من تلقى من خواص المتعلمين والمثقفين، فشاقني أن أجد طلبتي لدى أولئك الصغار الفصحاء. . .

كنت على موعد مع ناظر المدرسة الأستاذ عبد الفتاح المنياوي الذي تفضل فرحب بهذه الزيارة، وأخذت مكاني في حجرة الناظر، وكان هناك الأستاذ عبد الحميد السيد المفتش العام للغة العربية بالمدارس الابتدائية، وبعد قليل دخل الحجرة تلميذ صغير لا يبلغ العاشرة من عمره - دخل هذا التلميذ يقول:

أين حضرة المفتش؟

قالها بنبر عربي جميل، فشغلت بتأمله في إعجاب، وكأنني ألقف أول ثمرة من هذه الدوحة، وهش له المفتش وأجابه:

- أنا. . .

- كلفني الأستاذ. . . أن أحضر لك هذه الكراسات

ودلفت في صحبة الأستاذ أحمد عبيد إلى إحدى حجرات الدراسة، وكان التلاميذ في زئاط، فقال الأستاذ رافعا صوته في لهجة المعلم الحازم الحاني:

ما هذا؟ إني أسمع لغطا يا شريف

قال شريف - وهو (بوليس الفصل) - ٍإن هذا التلميذ يزعق. . فنهض تلميذ آخر ليضبط الشرطي متلبسا بالخطأ. . . قال: إنه أخطأ إذ قال: (يزعق) ويجب أن يقول (يصيح)

والمدرسون يجتهدون في تعريب ما يرد على ألسنة التلاميذ من الكلمات العامية، أو بعبارة أخرى يردونها إلى أصلها العربي فيسيرون على النهج التربوي في الانتقال من المعلوم إلى المجهول، فهذا التلميذ يعمل (غلبة) وبنقاش قليل تقلب الغين جيما فتصير (جلبة) وذاك التلميذ يصر على دعواه قائلا: هذا القلم (بتاعي) ولا بأس أن يكون القلم متاعه. . .

<<  <  ج:
ص:  >  >>