فعرضت لأبنه السكتة فجأة فورد عليه من ذلك ما أدهله وبقي لا يدري ما الذي في أيدي الناس وما لهم عليه، مع ما دخله من الجزع على أبنه فلم يدع بمدينة السلام طبيبا إلا ركب إليه واستركبه لينظر أبنه ويشير عليه من أمره بعلاج، فلم يجبه كثير من الأطباء - لكبر العلة وخطرها - إلى الحضور معه، ومن أجابه منهم فلم يجد عنده كبير غناه، فقيل له أنت في جوار فيلسوف زمانه، وأعلم الناس بعلاج هذه العلة فلو قصدته لوجدت عنده ما تحب، فدعته الضرورة إلى أن تحمل علي الكندي بأحد إخوانه، فأجاب وصار إلى منزل التاجر بالرغم من أنه كان كثير الازدراء بالكندي والطعن عليه، مدمنا لتعكيره والإغراء به وقد أسعف الكندي طلبه وقام بما تقدم ذكره استجابة لداعي الإنسانية، وما تحتمه آداب مهنة الطب المقدسة. وتنقل عن الفارابي قصص مماثلة في الموسيقى معروفة
وبعد فقد أطلنا الحديث عن أبي الفلسفة الإسلامية ومؤسسها ومشيد مدرستها الأول (المعلم الثاني) وأرى أن نقطع الحديث مؤقتا، وإن بقيت لدي صبابة في الكأس وثمالة نرجئ عرضها إلى عودة ثانية للموضوع فإلى الملتقى