. . . وتلك قصيدة ثالثة أملتها ضجعة الأمل المحموم على سرير المحنة وأنا في هذه القرية المصرية التي نزلتها زائراً فأمسكتني عليها سجيناً. والتي نزلتها مودعاً فأدركني بها ما صنعت (وزارة المعارف) في عهدها السابق بقضيتي حين أوقفت بعثتي إلى (لندن) وحين استباح الهوى الغاشم حرمة الضعف النبيل وظل الشجى يبعث الشجى حتى انكمشت مشاعري وتراجعت عن هذا العالم الصاخب وتجمعت في هذا البلد الصغير الذي استقبلت عليه مأساتي ودرجت على ربوعه أحلامي. . . وظل الشجى يبعث الشجى حتى صدق الله وعده وأراد أن يمن على الذين استضعفوا في الأرض ويجعلهم أئمة فزهق الباطل وجاء أستاذنا (السنهوري) إلى وزارة المعارف. . . واستفاقت قضيتي من جديد ما بين عدالة الوزير الكريم وحصافة المستشار الجليل. وأستاذنا (إسماعيل القباني) مستشار له كرامة ورجولة وله حقيقة أكبر من ظاهره وسأدخر شكري للوزير الخير والمستشار الحاسم ولأستاذنا (شفيق غربال) الوكيل الفاضل الذي ناصر قضيتي وهي في وهدة الظلم وأيدها بكلمته وهي في مطلع العدالة. . . سأدخر شكري لأولئك وهؤلاء حتى يعبر عنه ما سأبذل من واجب يشرف الاستعداد المصري في آفاق الغربة والمعرفة وما سوف أقدمه من جهد وتضحية في قضية أبناء الظلام بعد رجعتي إلى الوطن المصري الحبيب. والحبيب مهما نزفنا على أرضه من دماء ومهما تركنا عليها من شوق وأشلاء. . . وليتقبل عميد الرسالة وأسرتها تحيتي ووداعي).
(العلائي)
ما زال مرتجفَ الأحلام هيمانا ... حتى تساقط آمالا وأحزانا
وقلّب الشوكَ في أغصانه يقظاً ... ومدَّ أنفاسه للزهر وسنانا
وعانق الليل حتى اسود خاطره ... ولم يجد لبياض الصبح وجدانا
وكم تمنّى ولما جاء مورده ... ألقى الضمير بذات الماء غصانا
وكم تشكى ولما صد غايته ... ألفى مذاهبها ظلا وريحانا