من بين ما قررته وزارة المعارف على طلبة السنة التوجيهية المتسابقين في امتحان اللغة العربية في خلال يناير المقبل كتاب (تحرير المرأة) للمرحوم قاسم بك أمين. وقد يكون من الخير أن نبين - في إيجاز - بعضاً من المناحي والأغراض التي عنى المؤلف بعرضها في كتابه، لعلّ في هذا توجيهاً للطلاب، واستحثاثاً لهم على الاستزادة والاستفادة.
(أ) شخصية المؤلف
ولد المرحوم قاسم بك أمين في أسرة مصرية تنسب إلى أصل كردي، وتربى منذ نشأته تربية أمثاله، ثم سافر إلى فرنسا حيث درس الحقوق وعاد في سنة ١٨٨٥ ميلادية. وظل منذ ذلك الحين إلى أن عاجلته المنية في سنة ١٩٠٨ قاضياً ممتازاً، ثم مستشاراً بارعاً بمحكمة الاستئناف.
وكان من خلقه: الصراحة، وحب العدالة، وحرية الرأي. ولم يكن من القضاة الذين قال عنهم (أعرف قضاة حكموا بالظلم ليشتهروا بين الناس بالعدل) بل كان يحب الحق لأنه حقُّ وفضيلة، ويمقت الظلم لأنه ظلم ورذيلة.
ولم يكن يتقيد في قضائه بآراء الفقهاء، وأحكام المحاكم، بل لم يتقيد بنص القانون إذا لم يصادف هذا النص مكان الاقتناع منه.
وكان مولعاً بالبحث والتنقيب عن كثير من شؤون الإصلاح والاجتماع؛ فدعا إلى تحرير المرأة من رق الجهل، ورق الحجاب. وكانت هذه الدعوة من الأمور الشاقة الشائكة لأنها خالفت العرف المألوف، والتقاليد الموروثة، وأدت إلى ثورة فكرية انقسمت بها الأمة قسمين: معه وعليه. وقد أوضحها في هذا الكتاب، ودعمها بالحجج والبراهين.
(ب) تصوير فكرته التي أودعها كتابه
حمل المؤلف - رحمه الله - حملة صادقة على الرجعيين الذين رضوا للمرأة أن تعيش في الإسار كما يعيش الذليل المستعبد، وأن تحبس في الدار كما يحبس الطائر المعذب، وأن تقضي أيامها في هذا الوجود كما يقضي السجين أيامه في غياهب السجون؛ فاستنّوا لها أن