للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[العصبية المفرقة]

للأستاذ محمود الشرقاوي

أبرزت الانتخابات البرلمانية التي جرت في الأسبوع الماضي ظاهرة جزع لها رجال السياسة كما جزع لها المفكرون على السواء

هذه الظاهرة هي تحريك العنصرية الطائفية واستغلالها في الصراع الانتخابي بين المرشحين والناخبين.

ورجال السياسة والمفكرون من حقهم أن يجزعوا لبروز هذه الظاهرة التي من شأنها - لو أنها لم تتدارك - أن تضعف التماسك الشعبي بين أبناء الأمة وأن تعطل إلى حد كبير إلى أهدافها الوطنية ووصولها بعد ذلك إلى هذه الاهداف، وأن تقلل من تقدير الأمم ذوات السيادة للوطن المصري وللوطنية المصرية ولقيمة الشعب ومكانته من الحضارة والثقافة وما يستتبعه ذلك من اعتراف هذه الدول لمصر بحقها في الحياة الحرة وتمكينها مما تتطلبه من مركز حسن بين مجموعة الأمم المتحضرة ومكان ممتاز بين مجموعة الشعوب العربية بوجه خاص

ومن المقاييس الصادقة التي تقاس بها حضارة الأمم وثقافتها وحظ طبقاتها من التهذيب مقياس التسامح الديني والطائفي. فكلما كانت الأمة أعرق حضارة وأعمق ثقافة وأرقى تهذيبا، كانت أبعد بطبقاتها وأفرادها عن التعصب الديني والعنصري، ومما يتصل بأي نوع من أنواع التعصب للإقليم أو المهنة أو التعليم أو الثقافة. وكلما كانت الأمة أقرب إلى البدائية في حضارتها وثقافتها وتهذيب شعبها احتد بين طبقاتها وأفرادها التعصب وتعددت ألوانه ومظاهره.

وكذلك الأفراد يمكن أن تقاس تهذيبهم رفعةً وخفضاً ورقة وغلظة، وأن تقاس ثقافتهم تعمقاً وسطحية وجوهراً ومظهراً، بمقياس بعدهم أو قربهم من التعصب لدينهم أو ذاتهم أو إقليمهم أو معهدهم التعليمي أو نوع ثقافتهم.

وهذه كلها بدائه أعتقد أن جمهوراً ممتاز الثقافة والفهم مثل قراء (الرسالة) لابد أن يعرفها ويسلم بها

وكما أبرزت الانتخابات البرلمانية الأخيرة هذه الظاهرة المؤسفة من مظاهر التعصب

<<  <  ج:
ص:  >  >>