لي صديقة صغيرة غاية ما تريده مني هو أن تسخر بي وأن تحطم كل رأي أبديه ولو كان إعجاباً بها وتقريظاً لها حتى آمنت بأنها دسيسة مسلطة عليّ فلم أعد أحمل كلامها محمل الجد ولو كان تعزيزاً لرأي كنت قد أراه وأصدق عليه. فنحن ما نكاد نلتقي حتى نختلف منذ نتبادل التحية. فإذا قلت لها:(نهارك سعيد) قالت: (وكيف عرفت؟). فإذا قلت لها إن هذا دعاء وليس خبراً، سألتني:(ومتى كنت من أولياء الله الصالحين حتى تدعوه إلى إسعاد غيرك. . .؟ أفلا جربت دعائك لنفسك أولاً؟ فمن يدريك أن يستقبل الله رجاءك، من غضبه عليك، بسخطه ولعنته؟)
هذه هي صديقتي المفكرة التي قابلتني أمس وفي يدها العدد الأخير من الرسالة فما رأتني حتى نادتني:
- تعال، الله يخيبك!
- أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقية! ماذا حدث يا هذه؟
- حدث الحدث، ونزلت الكارثة. أهذا كلام تقوله عن استراوس وصاحبته؟
- وماذا كنت تريدين أن أقول؟ اكتبيه في ورقة حتى إذا اتفقنا عليه لا تعودين فتنقضينه. . .
- ناصح جداً. من ذا الذي قال لك إن البارونة فشلت مع استراوس؟
- هي التي قالته، وأرجو ألا تسأليني متى قابلتها ولا أين لقيتها، فهي لم تقل لي أنا بالذات، وإنما عبرت بهجرانها لاستراوس عن هذا الفشل الذي تنكرينه
- ولم لا يكون في هذا الهجر تعبير عن فشل استراوس نفسه؟ ألم يوافق هو عليه؟
- ربما يكون قد وافق عليه، ولكنه لم يسع إليه. ثم إنها هي التي بدأت مناوشته؛ فكان هذا دليلاً على أنها تريده، فهجرها إياه لا يدل بعد ذلك على شيء إلا أنها عجزت عما كانت