للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[العام الهجري]

١٣٥٣

منذ أسبوع قلب الدهر المسجل صفحة ثلاث وخمسين وثلثمائة وألف من تاريخنا المجيد المشرق. قلبها هذه المرة وهو حافل حاشد يرصد فلك الإسلام، ويرقب حركة العرب، ويجمع الأُهبة لتسجيل ما يتوقع من أحداث الأمة المبعوثة، والبطولة الموروثة، والعروبة الناهضة!

وكان منذ تفجرت في وجوهنا الأهوال، واغبرت في عيوننا الآمال، وأخلد إلى الجِمام سلطاننا الجاهد، يقلب الصفحة بعد الصفحة، فلا يجد ما يسجل غير أنَّات العاني، ونشجات الباكي، وخلجات الجناح المهيض، حتى أوشكت حياتنا الخالفة أن تكون لَحّقا من البؤس والهُون لكتاب آبائنا الجليل المحكم! ولكن الأمة العربية التي تمتد جذورها في أعماق الأزل لابد من ربيعها وإن طال الخريف!

فالحياة المتجمعة في الأصل الثابت أخذت تشيع في الجذع وتنتشر في الفروع، والظلال الحاسرة في العهد الجديب جعلت تمتد إلى القفر وتنبسط في الربوع، وأشبال الفاتحين الذين غيروا وجه الأرض، وحرروا موازين العدل، قد هبوا ينفضون عن المعدن الكريم غبار الزمن، ويمسحون عن الجوهر الحر عبث العوادي، ويعودون إلى مكانهم من رأس القيادة وصدر العالم!

ففي مصر تضطرب الحياة الجديدة في البراعم النابتة، وتضطرب نوازي الكمال في النفوس الهامدة، ويفيض نبل الإحساس في صدور الناس فيكفكفه وا أسفاه طغيان الغاضب، وتكدره وا حسرتاه بقايا العهد الذليل!

وفي فلسطين تدافع العروبة جراد أوربا المحاق، وتصارع الاستعمار المسلح الخاتل، وتطلب عز الحياة بعز الممات وشرف التضحية.

وفي سورية يقظة عاملة فطنة، تداور خصمها بالصبر، وتواثب جشعه بالحزام، وتقابل نفعه بالجذر، وتصارح هوجه بالنخوة. وتتجهز للمستقبل الباسم القريب بجهازه

وفي العراق (أمة تنشئ الحياة، وتبني الملك، وتلحق الزمن) وتصل ما انقطع بين ماضٍ ضخم وحاضرٍ نزوع، وتنبض بالحيوية العربية المتجددة نبضان القلب الفتي الطموح

<<  <  ج:
ص:  >  >>