للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أطوار الوحدة العربية]

عوامل ثورة العرب

للأستاذ نسيب سعيد

أظنك لا تزال تذكر أني وعدتك في حديثي الماضي أن افصل لك ما أجملت من الأسباب المباشرة لثورة العرب الكبرى. وقد رددت هذه الأسباب إلى عوامل أربعة، وهي: العامل الشخصي، والإقليمي، والديني، والقومي. وهاأنا الآن - برا بالوعد الذي قطعته على نفسي - اشرع بالإسهاب والتفصيل فأقول:

١ - العامل الشخصي

يذهب الباحثون إلى القول أن في مقدمة العوامل المباشرة للثورة العربية اعتقاد زعيمها (الحسين بن علي) بأن رجال الدولة العثمانية قد انتزعوا كل ثقة منه ومن انجاله، وانهم يتحينون الفرص للقبض عليه وإقصائه ونفيه إلى أقاصي البلاد. ولا يخفى عليك أن الغاية الأساسية للترك من إرسال وهيب باشا القائد التركي العام إلى الحجاز وتزويده بما زود به من سلطة واسعة، هو لأجل القضاء على كل ما (للحسين) من نفوذ وشوكة في البلاد العربية. ويعترف جمال السفاح في مذكراته أن وهيب باشا هذا طلب من الحكومة إرسال فرقة من الجند لتنفيذ مشروعه، ولولا مفاجأة الحرب العظمى - وقد جاءت على حين غرة - لنفذ ذلك المشروع الظالم، ولقضوا على (الحسين) قضاء أبدياً، بل لقضوا على كل حركة أو نهضة قومية في بلاد العرب

ويضاف إلى ذلك ما يردده البعض من المؤرخين وهو أنه كان (للحسين) عيون في ديوان حكومة مكة، وفي مكتب برقها، وفي الباب العالي أيضاً يوافونه بكل ما يدور بشأنه من مكاتبات بين الأستانة ومكة، ويطلعونه على جميع الخطط والتدابير. وما كان باستطاعة الاتحاديين الترك معرفة شيء من إسراره وخططه لأنه كان حذراً، شديد التكتم؛ وقد ظل يجاملهم ويلاطفهم، حتى اضطرهم إلى استبدال وهيب باشا بغالب باشا في أوائل زمن الحرب الماضية، فارتاح من خصم شديد المراس، وخلا له الجو في العاصمة العربية فتصرف كما أراد وتسنى له أن يستأثر بمقادير كبيرة من السلاح في خلال سنتي الحرب

<<  <  ج:
ص:  >  >>