وأمر المنصور حاجبه أن يستقدم سعيداً، ثم يستقدم زوجه، فلما قدم سعيد رأى في الفناء حبيباً مع صاحب الشرطة، فتعجب، وقال: أنت أمامي هنا وهناك!! ثم جد في السير كأنه يفر، حتى دخل على المنصور، فسلم وحيا، وبدت في عينيه نظرة الاهتمام.
قال المنصور: أتعرف الرجل الذي مررت به في فنائنا؟
قال سعيد: أعرفه
قال المنصور: أبينكما صداقة؟
قال سعيد: بيننا شيء
قال المنصور: كيف وجدته؟
قال سعيد: وجدته رجلا لا يعرف قيمة المال
قال المنصور: وكيف وجدت عقله؟
قال سعيد: هو رجل يروي أدباً ويقرض شعراً
قال المنصور: هل تتزاوران؟
قال سعيد: قد يزورنا
قال المنصور: ولكنك لست فارغاً للشعر والأدب!
قال سعيد: أن زوجي تحب الشعر والأدب، فإذا حضر تناشدا الشعر وتقارضا الأدب، حتى إذا أفلس أدبه قام عنا
فهمس المنصور: وهل يفلس الأدب كما يفلس المال؟! ثم قال: لعلك ترغب عن حديثه؟
قال سعيد: أن أكثر كلامه لا يسمن ولا يغني من جوع، فكيف أرغب فيه؟