بنات وبنين معاً، وإذا كان هذا شأن ما هو بصدده، فهو غير صحيح في نفسه، ومثله لا يصح أن نحمل آيات القرآن عليه، ولا سيما إذا كانت لا تحتمله
وقد رأى الأستاذ أن حمل قوله تعالى (ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون)، على معنى أنهم يجعلون لآلهتهم ما يشتهون، لا يستقيم مع الآيات الأخرى - كما ذكرت - لأنها صريحة في أنهم كانوا يجعلون ذلك لأنفسهم لا لآلهتهم، فذكر أن نسبة الذكور لأنفسهم أو لآلهتهم لا يهم كثيراً في موضوعه، مع أن موضوعه قائم على نسبة خلق البنين لآلهتهم والبنات لله تعالى
وكذلك رأى الأستاذ أن النصوص القرآنية صريحة في أن العرب كانوا يجعلون الملائكة بنات لله كما ذكرت، فلم يسعه إلا أن يعترف بهذا، ولكنه ذكر أنه لا يتعارض مع ما ذكره، من أنهم كانوا ينسبون إليه البنات من البشر، وإن المقابلة بين البنين والبنات في نحو قوله تعالى:(أم أتخذ مما يخلق بنات وأصفاكم بالبنين) تقتضي أن تكون البنات من البشر كالبنين، وقد نسى الأستاذ في هذا آية الإسراء:(أفأصفاكم ربكم بالبنين وأتخذ من الملائكة إناثا أنكم لتقولون قولاً عظيماً). فالمقابلة فيها صريحة بين البنين من البشر والبنات من الملائكة، وهي مقابلة سائغة مقبولة، ووجه ذلك لا يخفى على مثل الأستاذ وافي
ولا أحب أن أطيل بعد هذا فيما أطال به الأستاذ، ويكفي أن مذهبه يؤدي إلى أنه كانت هناك قبائل تئد كل بناتها لأنها من خلق الله أو الشيطان، مع أن ذلك لم يكن إلا حالات فردية في تلك القبائل، وكان يدعو إليها الفقر من الفقراء، أو خوفه من الأغنياء، كما صرح بذلك القرآن الكريم؛ وخصوا البنات بذلك لأنهن لا يكتسبن