للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الجندي المجهول]

(المدرس)

للأستاذ علي شرف الدين

صَلَى حَرَّهَا وَالمْوتُ يَقْظَانُ جَاثِمُ ... وَخَاضَ رَحَاهَا وَالْمَنَايَا حَوَائِمُ

وَكَمْ رَكَزَ الراياتِ في رأْسِ شَامخٍ ... مِنَ المجدِ لم تَنْهَضْ إِلَيْهِ الْقشَاعِم

وَسَجَّلَ ِمنْ خُضْرِ الفُتُوحِ لِسَانُه ... بما قَصَّرتْ عَنْهُ السُّيوفُ الصَّوَارِم

يَرَاعَتُهُ فِيها سِنَانُ قَنَاتِهِ ... وَأَسْفَارُهُ الْغُرُّ الْجِيَادُ الكَرَائِم

وكم فَكَّ عَنْ أَعْنَاقِ جيلٍ مَذَلَّةً ... وَحَرَّرَ شَعْباً أَرْهَقَتْهُ المظَالم

فلمَّا أَفَاَء اللهُ ضَنُّوا بِحَظِّهِ ... وِلَوُّوْا رُءُوساً أَشْرَعَتْها الأَرَاقِم

يقُوُمُ عَلَى أَكتَافِهِ النَّصْرُ بَاهَراً ... وتُخْطِئُهُ أَسْلابُها والْغَنائم

وَيَمْضِي بِحِمْلِ الطَّوْدِ فِي كلِّ أُمَّةٍ ... وَمَا أَحَدٌ مِمَّا يُعَانِيهِ رَاحِم

وَيَهْدِمُ مِنْ أَعْصَابِه لِبنَائِها ... فتَسْمُو به أَرْكانُهَا وَالدَّعَائم

وَيَدْفَعُ عَنْ أَكبَادِهَا جهْدَ نَفْسِهِ ... كما دَافَعَتْ دُونَ الْعَرِينُ الضَّراغِم

وَيُنْشِى لَها الْجِيلَ الأَغَرَّ جَبِينُهُ ... عَلَى مِثْلِهِ في الدَّهْرِ تُبْنَى العَظَائم

فَتىً أَنْشَأَ الأجْيَالَ غَيْرَ مُدَافَعٍ ... وفي كلِّ شَعْبٍ فَضْلُهُ لا يُزَاحَم

تَسيرُ بهِ الأيَّامُ تَرْثِي لِحَظِّهِ ... وَتَنْدُبُهُ في شَجْوِهِنَّ الْحَمَائِم

يُسَاقُ إلى الأِرْهَاقِ والسَّوْطُ خَلْفَه ... وَيَحْمِلُ مُرَّ العَسْفِ والأنْفُ رَاغِم

إذَا ما بكى كَفَّ الوعِيدُ بُكاَءهُ ... وَإِمَّا شكا شدَتْ بِفيِه الشَكائم

جِهادٌ وَلاَ مَجْدٌ وَسْعيٌ كما سَعَى ... إلي الماءِ مَخْدُوعٌ بصَحْرَاَء هَائم

ولوْ أَنَّ عَدْلاً يَشمَلُ الأرْضَ ظِلُّهُ ... لَما باتَ مَظلومٌ عَليْهاَ وظالِم

حَلَفْتُ لأَطْوِي عَهْدهَا غَيْرَ نَادِمٍ ... فما تَرْكُها فيهِ تُعَضُّ الأباهِمُ

وَأَخْلَعُها خَطْماً لأَنفيِ وَمِقْوَداً ... فَلاَ يَقْبَل الأرْسَانَ إلا الْبَهَائم

تَعَاَلى شَبَابي أَن يُرَاضَ إِباؤُهُ ... عَلَى شِرْعَةٍ فيها تُصَكُّ اللَّهازِم

وَإنّا وَإنْ لَمْ تَكتَنِفْنَا نَبَاهَةٌ ... لَتَشْغَلُ بُرْدَيْناَ المُلوكُ الخَضْاَرِم

فَيَا أَيُّهَا المَغْبُونُ والْعَدْلُ شَامِلٌ ... وَياَ أَيُّهَا المَحْرُومُ والخَيْرُ زَاحِم

<<  <  ج:
ص:  >  >>