انتقلت مصلحة الكيمياء من مبناها القديم الضيق في فناء وزارة الأشغال إلى عمارتها الجديدة بشارع الملكة نازلي وبذلك فتحت أبوابها لكل ما يطلبه منها الجمهور من اختبارات كيميائية تكشف عن صلاحية المواد والمنتجات للحياة العملية، وبهذه الخطوة يستطيع الصانع أن يختبر مواده هناك كما يستطيع أن يحصل لمنتجاته على شهادات حكومية بصلاحيتها ولن يكلفه ذلك المال الكثير فأن المصلحة تشجع على ذلك ولا تأخذ عنه إلا أجراً زهيداً؛ ولذلك رأينا بعد استئذان مراقبها الدكتور أحمد زكي بك أن نقدم لقراء الرسالة صورة مما يحدث في ذلك المعهد وإن تكن صورة مقتضبة لأن عمل المصلحة متشعب والصفحات محدودة
مهارة الصانع
قال الدكتور محمد سعيد سليم رئيس قسم تحليل مواد البناء في مصلحة الكيمياء:
(نقوم بتجاربنا هنا على مواد رخيصة القيمة ولكنها خطيرة المسئولية. فقد يكون ثمن مواد الأسمنت أو الجبس أو المصيص زهيداً، ولكن الخطأ في تقدير قوة مقاومتها يؤدي إلى ضياع كثير من الأنفس والأموال. فتصور عمارة تشيد بالأسمنت المسلح لم يراع في خلط مواده النسب القانونية أو زادت على المخلوط كميات الماء حتى ذاب الأسمنت وسال وبقى الرمل وحده ليسند البناء. فلما تمت العمارة أتى الناس من كل جهات القاهرة ليجدوا فيها السكن الموافق؛ فلما نقلوا أثاثهم ونظموا غرفهم ثقل وزنهم على قوة مقاومة تماسك الرمل وقليل الأسمنت فسقطت السقوف وقتلت البنين والبنات، وترملت الأزواج والزوجات)
ثم وضع الدكتور قالباً مصنوعاً من الأسمنت المسلح بين فكي آلة ليختبر قوة الشد الذي تتحمله البوصة المكعبة منه؛ ثم فتح صنبوراً تساقطت منه كرات من الرصاص في وعاء يقع ضغطه على ذراع يجذب أحد أطراف قالب الأسمنت إلى أعلى بينما الطرف الأسفل