الأديب ومضة من ومضات الحياة تلألأ خلال الظلام وتبعث أضوائها في طريق الركب ليسير هدى ووعي. والأديب هو ابن بيئته وأمته ومجتمعه، ورسالته في الحياة رسالة عامة لا تقف عند حدود المسارب الضيقة وليست رسالة الأديب هي التي تنبع من نفسه وتعيش في نفسه فقط، سواء أكان شاعراً أم كاتباً قصاصاً أم مؤلفاً، وسواء أكان يستوحي الماضي البعيد أم الحاضر المشاهد، وإذا كان الإنتاج العسكري هو ما يتصل بالحياة العامة ويواكب المجتمع فإن ماعدا ذلك إنتاج عائم يطفوا كما يطفو الطحلب على سطح الماء؛ حتى إذا مرت به العاصفة ذاب وتلاشى لماذا يجب لأن يكون الأديب والمفكر كذلك؟ لأننا الآن عبيد أرقاء لا نملك من أمرنا شيئاً، ويجب أن نعيش أحراراً نتصرف في حياتنا وشؤوننا كما يتصرف البشر في حياتهم وشؤونهم، وعلى كل أديب عربي ومفكر عربي ومفكر أن يكون في رأس القافلة ليشارك في معالجة أوضاعنا واقعية، وإلا كان أديباً تافها ومؤلفاً سطحياً لا يفكر ولا يحس، أو يفكر ويحس ولكنه ضعيف الاندفاع مشلول الحركة، وكلتا الحالتين لا تؤدي إلى غاية ولا يتصل إلى هدف.
وإذا كان الشأن كذلك فما هي قيمة (الفتوة عند العرب)؟ وفي أي اتجاه يسير؟
قبل أن أتحدث عن الكتاب أحب أن أشير إلى صاحبه. وصاحبنا هو أستاذنا عمر الدسوقي أستاذ الأدب العربي في كلية دار العلوم بجامعة فؤاد الأول. لقد اتصلت بالأستاذ الدسوقي عن كثب، وتحدثت إليه كثيراً وتحدث إلي كثيراً، فلمست فيه ما لم ألمسه إلا في القليل ممن عرفتهم. لمست فيه روح القومية العربية، والاعتزاز بالعرب اعتزاز يكاد بالعرب اعتزازاً يكاد يصل إلى درجة الغلو، وأحسبه على حق فيما، يعتقده فما كان العرب في ماضيهم وتأريخهم العريق أمة تافهة لا شأن لها، إنما كانوا سادة أنفسهم، وأسياد غيرهم، ولكنهم فقدوا أهم ميزاتهم يوم أتيح للعناصر التي اندست في صفوفهم أن تتحكم وتسود، فرقدوا شر