مالت السيدة (بولا بار فيلد) في مقعدها الوثير إلى الوراء فبان جيدها العاجي الأبيض ينم عن أنوثة ناضجة وفتنة ساحرة
وأخذت ترنو إلى سقف الغرفة بعينين ساجيتين وقد غربت عن بالها لفافة التبغ التي استوت بين أصابع يدها البضة الجميلة المستندة على ذراع المقعد
كانت تحلق في أجواء الخيال تبحث عن حيلة تحوك خيوطها وهي التي قد بلغت السابعة والثلاثين من عمرها - ولم تجنح إلى تدبير الحيل واستنباط الوسائل. لأن وسامة محيياها كانت أحبولة كافية لجر المغنم ونيل المقصد. . إلا أن توالي الأعوام لم يدع من فتنة وجهها شركا يقوى على اصطياد الفرائس. . بل رأت أن شحذ الفكر وتدبير الحيل خير عون لها ألان على نيل ما تصبو إليه النفس وما يتمناه الفؤاد. . بعد أن الفت أن نجاحها عن طريق لحاظها الفتاكة قد تعثر في كثير من المواقف
كانت تقنع إبان حياتها المدرسية بالبنسات لشراء الحلوى راضية بعطف معلميها ومعلماتها. غير أن الثناء الذي كان ينصب على جمالها انصباباً والمديح الذي كان ينهال على فتنتها انهيالاً. حولا وجهها إلى أصدقائها الشبان فأنصتت لهم وهم يترنمون بهزج الهوى في أذنيها ويرتلون أية الحب على مسمعيها. . مالت إليهم بكليتها. وتقبلت منهم الهدايا على اختلاف صنوفها
ولتلك الخطة الزرية عثراتها وأخطاؤها. فما بلغت الثامنة عشرة من سنيها حتى تزوجت من رجل فقير أهاب بها قلبها القُلَّبُ أنها تحبه وتهواه
وكان زوجها هذا رجلاً هادئ الطبع، وديعاً جميلاً، خاملاً مغموراً، لا يهمه من دنياه سوى أن يملأ بطنه ليعيش. لذلك أخذت هي تدبر أمور الحياة لها وله ولابنتهما التي خرجت مبكرة إلى عالم الوجود بعد الزيجة بتسعة أَهِلة