لقد أصبحت محنة فلسطين والحوادث التي وقعة أخيراً على مسرحها ومن أجلها - محنة لأفكارنا ومشاعرنا في هذه الأيام ابتلينا ولا نزال نبتلي بها من أفراد نحمد الله على أنهم قلة لا يعبأ بها. أفراد من مواطنينا اضطربت أفكارهم واختلطت عليهم حقائق الأمور من جراء تلك الحوادث، فصاروا يجادلوننا في (العروبة) فيخلطون بين حقيقة الوحدة الخالدة وروح الشعوب المتآخية وبين اختلاف الساسة وتهويم الجامعة.
ألحت علي تلك المقدمة فلم أجد مناصاً منها، على كراهية للمقدمات، قبل أن أدخل إلى (ندوة الرسالة) حيث اعتركت في هذا الموضوع وما تفرع منه - أفكار جماعة من أدباء العرب: من مصر، ومن لبنان، ومن العراق. كان أحد طرفي المعركة الدكتور فلان، ولا أسميه خشية أن يعتبر ما قاله مما يتحدث به في المجالس وبتحرج من نشرة، ويكفي أن أذكر أنه كاتب معروف، وكان يكتب بالرسالة فيما مضى، وهو إلى ذلك من هيئة التدريس بالجامعة. أما الطرف الثاني فهم سائر من كان في الندوة وعلى رأسهم الأستاذ الزيات عميد الرسالة، والباقون هم الأساتذة محمود الخفيف وكامل حبيب، ومحمد علي الحوماني وإبراهيم الوائلي، وكاتب هذه السطور.
وقد كنا أو كان الطرف الثاني يناقش الدكتور (الطرف الأول) فتخطر لهم الفكرة الواحدة أو يورد أحدهم خاطراً ويأتي أخر بحجة أخرى؛ وسأورد ما علق بذهني من ذلك جملة، أي من غير تفصيل وإسناد إلى فلان أو فلان، وأضيف إليه ما خطر لي بعد الجلسة؛ وقد ذكرت الأسماء لما لأصحابها من فضل في المناقشة، وعلى أي حال ليس بين الخيرين حساب. . .
كان مثار المناقشة ما تضمنه (كشكول الأسبوع) في الأسبوع الأسبق من الإشارة إلى ما نشرته إحدى الصحف لأحد قرائها من استنكاره ترحيب مصر بأبناء شقيقاتها العربية وتعليمهم في معاهدها، ومقارنة ذلك بما أبدته الحكومة الأسبانية من الاستعداد لقبول بعثة من الطلبة المصريين على نفقتها في جامعاتها. بدأ الحديث بالدهشة لذلك الذي نشر في تلك