- أتريدون الحق؟ أن أبناء مصر أولى. . ويجب ألا نبذل جهداً أو مالاً لغيرنا ونحن في حاجة إليه، وكفى ما بذلنا. .
فجاءه الرد يقول:
- يا أخي، كيف تقول بهذا؟ أتنكر التعاون العلمي بين الشعوب العربية؟ وإذا كانت الهيئات العلمية تدعو العالم كله إلى التعاون الثقافي أفلا يجدر ذلك بالبلاد العربية وهي ذات لغة واحدة وثقافة مشتركة؟ ولم التفاضل بين المصريين وغيرهم في هذا المجال؟ وبما يؤثر هذا القدر الذي تبذله مصر لتعليم أبناء شقيقاتها في تعليم أبنائها؟ وإذا كانت الجامعات الغربية تفتح أبوابها للطلبة من مصر وغيرها من البلاد العربية أفتقفل مصر أبواب جامعاتها ومعاهدها في وجوه شقيقاتها؟ على أن ما نبذله من مال أو جهد في الميدان العربي على اختلاف جوانبه إنما نبذله في تعزيز القومية العربية التي يدفع إليها وعي الشعوب العربية، والتي تدعو إلى التكتل والتعاون والتقارب، والتي لا ينال منها إخفاق في تجربة سياسية أو فشل من جراء الألاعيب الخارجية والدسائس الاستعمارية.
قال الدكتور: لا اعتبار عندي لكل هذا، إنما مدار الأمر في نظري على ما نستفيد نحن؛ ونحوا عني ألفاظ العروبة والوحدة والأخوة، أنا أريد استفادة مادية.
- أنت أحد المؤلفين المصريين، فلك عدة كتب ولا شك أنه قد وزع منها عدد كبير في البلاد الشقيقة ربما يكون قد غطى نفقات الطبع أن لم يكن جلب ربحاً، فما نظن ما وزع في مصر كافياً لذلك، هذا مثل قريب لاصق بشخصك نسوقه إليك مجاراة لمقياسك المادي، وإذا كان لا بد من هذا المقياس فإن الاستفادة لا ينبغي أن تقتصر على الفوائد الوقتية والمنافع القريبة، فإن مصر أغنى البلاد العربية وأكثرها حظاً من العلم والثقافة، وهي إذ تمد يدها إلى شقيقاتها وتتيح لها ما ينقصها فإنها تكسب مودتها وثقتها فتتحول إليها بدل أن تتيح إلى الأمم الغربية، والشقيقات ولا شك يستفدن من مصر، لأن معاملة مصر لها تختلف عن معاملة الغرب من حيث الإخلاص أو على الأقل من حيث تجرد مصر من المطامع التي ينطوي عليها الغرب فتحمله على عرقلة تقدمها. أما فائدة مصر مما تتيحه لسائر البلدان العربية من التقدم فهي إنها تجد فيها أخوات قوية قادرة على مبادلة النفع بالنفع. ولما لا