للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تقول معنا إنها تكون حينئذ أجزاء متينة في كل العام وهو الكيان العربي؟ والفائدة إذن هي كفائدة الفرد مما يعود على الجماعة من الخير العام. ثم قل لنا يا أخانا في أي سبيل كانت مصر ولا تزال تبذل للأجانب من الغربيين؟ وهل استفادت مصر من كل ما أغدقته على هؤلاء؟ بل هل نجت من تشهيرهم بها وتقولهم عليها؟ وما هي الفائدة التي يجنيها الشعب المصري من فرق الممثلين والراقصات التي تجلب إلى مصر كل عام؟ قال الدكتور: ما دامت هناك استفادة ملسم بما تريدون.

ولم يرد الأستاذ الخفيف أن تنتهي المناقشة عند هذا الحد فقد أقبل في أثنائها ولم يحضر أولها، فلم يشبع من منازلة صديقه الدكتور، فأعلن أنه يريد أن يصفي معه الحساب هذه الليلة في قضية طالما أتعبه بالجدال فيها، وكان الأستاذ الخفيف يعاني ألماً في الحلق وبحة في الصوت، فما استشعر الحماس للنزال حتى لان حلقه وتوضح جرسه، قال:

ألا تعلمون أن هذه الأفكار منشؤها عند الدكتور أنه لا يؤمن إلا بالغرب في كل شيء وينكر الشرق والعروبة وما إليهما، ويرى أنه يجب أن نغلق هذا الباب الشرقي ونفتح الباب إلى الغرب على مصراعيه فنقطع كل صلة بماضينا وعروبتنا ونأخذ عن الغرب كل شيء بل نسعى إلى الاندماج فيه. .؟

اتجه الجميع إلى الدكتور مندهشين، ونظراتهم تسأله: أحقاً ترى هذا؟!

قال الدكتور نعم. . . فأنا أتصور مثلاً أنا مدير جامعة، وأردت أن أضع برنامجاً لدراستها فهل أجد غير العلوم الغربية؟ ليس في الشرق ما يستحق أن يدرس، وحتى الثقافة العربية أكتفي منها بما درسه وحققه المستشرقون، ولا قيمة لما عدا

ذلك!! وأنا لا أرى أن هناك إنسان متقدم وإنسان متأخر، وإني أراكم تلوكون كلمة العروبة فمن هم العرب؟!

ارتفعت درجة الحرارة في المجلس، وتدفقت الردود تقول:

- أنسأل عن العرب؟ نحن العرب. . . نحن العبر بوراثتنا التاريخية وما كسبناه ومزجناه بها من الثقافات العصرية، نحن العرب الذين نتحد في قيمنا الروحية واتجاهاتنا الفكرية والاجتماعية، ونختلف في كل ذلك عن الغرب. وها نحن أولاء في مجلسنا هذا تمثل ثلاثاً من الدول العربية، يطبعنا طابع واحد في التفكير والمشاعر، ونتشابه حتى في الشكل

<<  <  ج:
ص:  >  >>